|
. . وقفات استنشاق مختلفة بين شهيق وزفير : مقدّمة جسرية قصيرة شهيقٌ قبل أن يقول العمر كلامه كاملاً : أستجمعُ أنفاسي .. لأبوح بما لم أستطع قوله مُنذُ زمن !! ..... ... وقفة شهيق (1) : حقيقة متأخّرة ( ! ) كلما طالَ العمرُ ظننتُ أنّ الخير يزدادُ وضوحًا فإذا بالأقنعة تُحكَّم خيوطها ، والدينُ يصبحُ قناعًا للتسلق والطيبةُ تُستغَل ، والقلوبُ تُباع !! هنا توقفتُ عن التوهّم : لم يكن الناس كما تمنّيتُ .. إنما كما رأيتُهم : ) . . |
. . وقفة زفير (2) : خسارة العمر ( ! ) لا تؤلمني الخسائر المادّية تؤلمني الخسارة التي لا تُقاس بالنقود : أن آمنّتُ بالخيرِ فيهم حتى آخر لحظة ، فخسرتُ اتّكالي على البشر : ) أوجعُ ما في العمر أن تُدافع عنهم أمام نفسك ، ثم تكتشف أن دفاعك كان خدعةً عليك .. . . |
. . وقفة شهيق (3) : العدّ التنازلي ( ! ) حين يقترب الأجل تتقلّصُ الهدايا الكلامية ، وتنتفخُ الحقيقة بلا تمثيل .. لا أغضبُ إن جارَ عليّ أحد ولا أطلب رضى من لا يعرف معنى الصدق .. فقد خُدعتُ نصف قرنٍ !! الآن أعدّ الزمن كما يُعدّ العدل : حسابٌ صريحٌ لا يجامل .. . . |
. . وقفة زفير (4) : الصراحة المكتوبة ( ! ) هنا أفرغ صدري كله : لا عزاء ولا عذر ولا نافذة تهدئة أعلنها كما هي : أكثر الناس لم يكونوا طيبين ........ ولو عاد بك العمر ، لما وثقت إلا بالله وحده .. . . |
. . وبعد أن شُوَّه الكرم وذبحت النوايا النقية باسم الحذر والتشكيك .. أجلس في صمت ، أسمع قلبي كأنه يتنفّس وحده !! واكتشفت أن العمر لم يبقَ منه إلا أنفاس تُعدّ على الأصابع .. هكذا : ( بدأ الشهيق والزفير ) في الأعلى .. حيث لا قناع ولا دور ولا جمهور .. . . |
. . وبعد أن انكشف الغبار .. وبعد أن بُليتُ بالوجوه التي تُزيّن الكرم لتطعنه في ظهره لم يبقَ لي إلا أن أدوّن ما تعلّمته بوجعٍ لا يُشترى من كتاب فالسنون حين أثقلت ظهري كتبت ما يشبه الوصايا وصــايـــا لا أوجّهها إلا لـــلــــكــــرمـــاء. لعلّها تكون عصًا يتوكّأون عليها إذا اعوجّت بهم الطرق : : : وإلى الوصايا الثمانية : : : |
. . الوصايا : 1. لا تسلّم مفاتيح رحمتك لمن يتوسّط بينك وبين المحتاج باسمه لا بنيّته فبعض ( الوسطاء ) لا يُوصلون العطاء بل يسرقون أثره ويُعيدونه باسمهم .. 2. الكرم لا يُقاس بامتنان الناس بل بثباتك على النية حين يُطفئ المنافقون نورها ويتّهمونك به .. 3. إذا شعرت أن عطاءك صار مشروع علاقات وأن حاجبك يتكلم أكثر منك فاعلم أنك لم تعد المعطي بل أصبحت أداة استعراض .. 4. العطاء لا يُكمل فضيلته إلا إذا حفظ كرامة المحتاج فلا تُسلم نعمتك لأيدٍ غليظة تُهين بها من أردت أن تُكرمه .. 5. المحتاج لا يذلّك بطلبه بل يطهّر قلبك من الغرور فكن له شاكرًا كما لو كان نعمةً تُهذّب نيتك لا تُحرجها .. 6. لا تضع كرمك في قفازات بيضاء تخفي عنك حرارة يدك فالنية لا تُرى إلا حين تُلمس .. 7. الكرم الحقيقي لا يخجل من ظهوره ولا يتجمّل في خفائه فكن صادقًا حين تُعطي لا بطلًا على المسرح ولا ناسكًا يُخفي وجهه عن النعمة .. 8. الكرم لا يُوزَّع على : ( استحقاق المصالح ) بل يُمنح على استحقاق الرحمة فاحذر أن تستبدل ميزان الله بميزان بطانتك .. |
. . في هذه الوصايا لا أزعم أنني بلغت بها الحكمة كلّها لكنها دموعٌ سقطت على طريقٍ طويل وسنٌ انكسر ليضيء غيره وجرحٌ تعلّم أن ينطق بدل أن يكتفي بالصمت . فإلى كل كريمٍ صادق : أرفع قلبي احترامًا لك وأدعو الله لك في ظهر الغيب فأمثالك هم مَن يُبقون الأرض صالحةً للعيش ويجعلون الرحمة ميراثًا لا ينقطع .. . |
| الساعة الآن 03:18 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.