سأزمزم الماء المندلق فوق شفاهي المتعطشة للشوق .. وأسكب ندائي المبلل بالحنين في جيوب معطفك فقد أدمنتك حتى شعرت أنك ترتع في تفاصيلي

سأكمل تمشيط شوارع عمري .. حتى يُسمع صوت خلخالي يستبيح صمت الأرصفة العارية من كل ضجيج

أقف على بعد ظمأ من رمل
تحت الأعمدة الباهتة
أضع يدي على تخوم المقابر
لأمنح الليل بعض حياة
وأتأبط ذراع الفجر القادم من خلف السحاب
أبحث عن موجة يتيمة
ومرآة بها شرخ القلب
تدثرت بأسمال الغيم
أهذي للأزقه خلف الشوارع المنسية
وصراخ الثكلى
يلوح في الأفق يحمل زنابق رملية
البكاء وحده لا يكفي
وصهيل الأبواب الممزقة
تختنق بأنينها كلما عبرتها الرياح
مثقلة بذكريات تعزف ناياً يتيماً
هناك يؤجج الوقت الأعرج قواحل صدري
حتى أودع أسراري حشو وسائدي
سأنطوي تحت جناح سرب الجراد
وأنزوي تحت سدر عقيم
وأحلق في سماء الخلاص
مكتحلة بنور عيني
ألوك الضوء!

في غمرة هواجسي .. أفتش في ذاكرتي عن عمر مضى
عن كثير من الإستفهامات التي لم تملأ جيوبي .. أملاً
عن تفاصيل تبرمت ، وتورمت ، وسقطت ، وأندثرت
تسألني مراراً : كم بقى لكِ من هزائمكِ!
يجيب القلب :سأمدّ رجلي على قدر الغفلة ..
ربما تمَرّ دون إصابتي بسهم

الهواء يختنق بأكسجينه ...
كلما عبر شط البحر
وصوت يختصر المسافات والتضاريس
ليلتصق بحنجرة الوقت
وقباب المدن الرمليه
تخفي بيدها ابتسامة مترهلة
ومشاعر تشطبت من الجفاف
أعقد صفقة مع بعضي
وأعجن خبز الأمل الباهت
لأتناوله في الغد مع بعضي الآخر

لن أنسى زحف مواسم وجهي لأغرق في حشود الموج
لن أنسى حدود الليل حتى يرنو الصباح بنوره
لن أنسى قطعة من الزمن تلوح لي كأغنية مغمورة تسكن عيني
سأكون هناك بخيالي كلما بدا لي طيف جميل
يصيب حنيني بإحساس مشبع بالودق وحبات المطر

تجعدتْ الأرض تحت قدمي وأهتزت .. بعد تقوس ضلعي كحانة مهجورة .. وتسلُق الخريف أشبينات
أوردتي .. وتساقطتْ أحلامي كأيكة هرمة تجثو على ركبتي أمام مقصلة الزمن
وأُغلِقتْ الأبواب ....
فلم يعُد هناك ما ينز ُّ منه ضوء يملأ قلبي .. إلا رحمة ربي