![]() |
وأنا فتاةٌ هازِئَةٌ جدّاً, جدّاً..
جِدّاً.. أَشرَعُ صدري لشمسِ الصباحِ المُتفائِلةِ , وتَشاؤُميّات (سيوران) القاتِمة!.. و أَطبَعُ قُبلةَ طمأنينَةٍ على غِلافِ الليلِ, وأنا أجرعُ شذراتِ لاطمَأنينَةِ (بيسوا)!.. أمتَلِكُ مَلامِحَ مالنخوليا سعيدة!.. و لا أعتنقُ التراجيديا ,حتى البيضاءَ مِنها!.. أُواعِدُ الحُزنَ ,حينَ يَقُصُّ الوقتُ أطرافَ روحي .. وابتسامةٌ قِبلَتُها مائِلةٌ إلى اعتناقِ القَدَرِ , تُراوِدُ – الحُزنَ – عن نفسه , تَلوكهُ.. و تَهزِمُه! أُدَغدِغُ خاصرةَ الأيامِ الهرمةِ التي جُعِدّتْ أَجبُنُها , و أهزُّ كَتِفَ اللامُبالاةِ ,حينَ يصطَكُّ وحيُ اليَأسِ بجِدارِ أُذُني!.. أُقدِمُِ بِضَجيجٍ، أَرقُبُ بصمتٍ، أصمتُ بتعالٍ، وأنتهزُ الضحكة التي تَرفَعني إلى قمّةِ المعرفة! فتاةٌ ساخرةٌ قاسيةٌ , أشعلُ حرباً مع الحياةِ , و أُديرُ قَلبي صوبَ الاستنكار! . . |
لِنَحظى بِصباحٍ فوضويٍّ،ملّوّنٍ، مُبهجٍ..
يَتَبَرَّأُ مِنْ ضَغينةِ ما مضى،مِنْ تَعَبِ المَسيرِ، وجُمودِ الحكايا، مِنْ رتابةِ الاعتياديّةِ، وصمتِ الإيماءاتِ!.. صباحٌ يَقطَعُ بَنْدولِ قَلبِكَ الذي يتأرجحُ بينَ خطايا بداياتِنا و نهاياتِكْ! . . صباحٌ يكتبُ بِعفويّةٍ رغبةً مجنونةً،جنوناً جديداً،مسيرةً استثنائيّةً! يُغرِقُ التساؤلاتِ في حوضِ الإجاباتِ المورِقْ، ويَقطِفُ الحقائِقَ من أعمدةِ النورِ الصاعدةِ في عيونِنا!.. |
الحُزنُ لِلأحياءْ..
الموتى يتغمّدُهم الله بِسكينةٍ من فَضلِه. العزاءُ لِلنُفوسِ التي يُشغِلُها عنِ البَصيرَةِ غرورُها.. والمقابرُ الحقيقّةُ للذينَ لا يُبصِرونَ مِنْ على أحوالِهمِ الوثيرَةِ طينَ دواخِلِهم!.. المحاسِنُ للمَوتى.. هيَ كلُّ ما يتبَقّى مِنهم،ما نسرُدهُ عَنهم، ما نَتصفَحهُ في ذاكرَتِنا لأجلهم!.. هكذا يُصبِحُ جَليّاً معنى الدُّنيا! |
ولا أزالُ على شُرفَةِ جَفنِكَ, أنتَهِزُ الموجَ الصاعدَ من بحرِ عينِكَ وأعلوهُ..
فــ أُطِّلُّ على الشفقِ المائِل للإحمرار..وأمدُّ يَدي فــ أخالُني ألتَقِطُ شُعاعاً ضلَّ عنِ الشمسِ و سارَ وحيدا!.. نَظَراتِي مُمتَدَّةٌ الى هِضابِ خدَّيكَ المُزهِرةِ ك رَبيع!.. أطرّزُ اسمَك -بخيطِ الشمسِ- على نَسيجِ ابتسامَتي, وأدّسهُ في غمّازِ وجهِكَ الأسطوريّ!.. |
ثائرةُ الروحِ ، مُتمرّدةُ العقلِ،وحرّةُ الجَسَد؛
وقمّةُ وجودي: أنّني أستَطيعُ الحِفاظَ على اتِزانّي المُطلَق في هذهِ الفَوضى العارِمةِ بِحَذَقٍ ومَهارة! . . أسيرُ تَحتَ -غيومِ-عقلي دونَ خوفٍ، نتشاجرُ بِحدّةٍ، ونتصالحُ بِبساطةٍ! علاقةٌ مجنونةٌ للذاتِ و داخِلِها. ولو أردتُ الإسهابَ في أصلِها :ما الذي يُمكِنُ أن يحدُثُ لو لمْ أعشْ هذهِ الهدنةَ؟! لكنّ الاسئلة بينَنا تَرَفٌ مُبالَغٌ فيه، والإجاباتُ مُنكَرٌ ! الطريقُ استثنائيٌّ وواضحةُ-لنَا-مَعالِمهُ! . . مَنْ رسمَ الخطوطَ الداميَةَ على صفحاتِنا، وأخافنا مِنْ هوامِشِها وحَرَمَنا ميزةَ المعرِفة؟! |
أيُّها الصَديقُ الأعَزَ:
تُظَلِلُنا للمَرّةِ الأولى مُنذُ سنواتٍ شمسٌ واحدةٌ, تَلفَحُ وَجهَينا الضائِعينِ في مُفتَرقاتِ الطُرقِ,وتُسقِطُنا في شِركِ الصيف!.. تُهروِلُ قلوبُنا إلى ذاكرةٍ الأزمنَةِ الفائِتة:حينَ كانَ الشتاءُ خفيفاً , وأقدامُنا تعبَثُ بموجِ اللامبالاةِ الذي يعلو إلى صدورِنا. . . سالِكَين مُنعَرجاً قصيراً : يبرِّدُّ الشوقَ, ويُشعلِ المُغامرة!. يَتَدلّى وجهُ الشمسِ على فناجينِ قهوَتِنا ,وبريق عيونِنا.. تَتَغذّى على صَمتِنا خَمائِرُ الجنونِ اللامعقولِ التي ترتفعُ مع شَهقاتِنا الحَيرى! ويُطَقطِقُ الصمتُ أصابِعنا المُتعرّقة حيثُ نَنسى أن نقولَ شيئاً :أقصِدُ أيّ شيءٍ مُثيرٍ حقاً!. ونتحدثُ باندفاعٍ مهبولٍ عنْ التياراتِ الجارِفةِ للإنسانيّةِ, ونكهاتِ القهوةِ, ومَكائد الأبطال في الأفلام! مُهمِلينَ انكساراتِ الحروفِ على أطرافِ شفاهنا , ورجفاتِ الرموش التي تحفظُ صورنا في أغلفةٍ ضدّ الزمن: ما كانَ وما سيكون!. ولا أعرِفُ ما الذي قَرأتَهُ في صَفحةِ وجهي فَصَمتي مُخادِعٌ وعينيْ مَضّلِلّةٌ ,وماهِرةٌ أنا في تَبرِئَةِ نَفسي مِنْ تُهَمِ الحقيقة!. أمّا أنا فَقَرأتُ وجهَكَ جيداً!.. أعلمُ أنّكَ سَتقولُ لي آجلاً كُلّ شيء.. سأهزُّ رأسي وقتَها بالموافقة, وأفتَعِلُ الذهول,ثمّ سأبتَسِمُ بانتصارٍ صغيرٍ بين صديقين, وأقولُ لكَ أنّني أعرِفُ كلّ شيء!.. غُبارُ الغُربةِ الذي يَملَؤ تَجاعيدَ ملامِحك, ونهرُ الأوجاعِ الذي يَنحدِرُ من بينِ عَينَيكَ إلى كَفَن. في عَينِكَ اليُمنى أملٌ قَديمٌ لا يموتُ, وفي عينِكَ اليُسرى الآفُ الخطايا!. تَجتَرُّ ضِحكةً قديمةً جداً لها حسُّ الطفولةِ, وصوتُ الوِحدَةِ يَعزِفُ على قِيثارةِ قَلبِكَ المشروخِ ,بِوَتَر الحياةِ -ما لها وما عليها- لحناً غريباً يَستَفِزُّ الدمع!. . . . نحيبُ العاصِفةِ في داخلي يُثيرُ ضوضاءَ مُقلِقة وأنا أكتبُ لكَ من خَلفِ جِبال الأرقِ حيثُ تَتكدّسُ العيونُ الجاحظةُ على قِمَمِ لياليَّ!. وصوت صَريرِ أبوابِ الأرضِ حينَ تُغلَقُ بحدّةِ على أصابِع الواقِعِ يُفزِعني.. لكنّني أكتبُ لأقولَ لكَ أنّ كيدَ الحياةِ عظيمٌ, وأنّ قافِلةَ الذكرياتِ تروحُ وتجيءُ محملّةً ب(نحن): ما كان قبلَ حُزنِكَ وما سيجيءُ بعده!.. لأقولَ لكَ أنّني مثلُك, لديّ فشلٌ ذريعٌ, وحزنٌ عريضٌ, وصمتُ يبتَلِعهما !. . . أيُّها الصديق الأعزُّ,و يزيدُ على ذلك: إلى أنْ يُزهِرَ الياسَمينُ في أراضِينا الميتةِ بِقسوةِ الدم, وانتكاساتِ الزمن.. إلى أنْ يحتَرِقَ الانتظارُ في مجامرِ النسيانِ.. إلى أن تَسخَرَ منْ حُزنِكَ وأضحكُ من تقادِيرِ المَسير.. نَلتقي. |
وَليَصنَعِ الحبُّ عجيبةً أُخرى تُريقُ وَهنَ المَلَلِ، وسَجيّةَ العُمرِ، وذاكرةَ الحُزن!
لِيصعَدْ بِكَ إلى عروشِ الحياةِ!. |
و أعوذُ بكَ يا الله من شكّ واثقٍ يطالُ النَفسَ، و يَقِفُ في خاصرةِ اليقين.. و مِنْ شرّ القناعاتِ التي يلِدها حاضرٌ مارقٌ لا روحَ فيه.. . . . |
الساعة الآن 09:01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.