![]() |
×| مـواطنٌ في الصـمت ..
لاأحد يضع أحلامه في يديّ من قد يبددها كويليو / ساحرة بور توبيللو ظلَ يتأرجح في منامه ذات اليمين و ذات الشمال , يطارده نفس السؤال المذبوح بوصمة آمال محطمة.. كيف أحبُ وطناً يكرهني ؟ بدت تلك الكلمة -الوطن- بشتى مفاهيمها المعقدة , صرخة قاضٍ مكلومة بالاعدام . شعرَ و كأن حبل المشنقة يلفّ في عنقه و يخدّره . أستيقظ على رنين مكالمة هاتفية , هددّت كيانه بالتيه و الشتات , و عكرّت صفو أحلامه الملقاة فوق توابيت من الذل و الهوان . - السلام عليكم - وعليكم السلام - السيد - المواطن - فتحي ؟ - نعم معك . - أنتَ مطلوب لخدمة و حماية الوطن رسمياً , تم إكتشاف خطة إرهابية كبيرة , تعال إلينا لحماية الوطن / الرابعة عصراً . لم يعطه فرصة حتى كي يتنفس أمامه , أوثّق كلماته تلك أوامر و أغلق الهاتف أعادته تلك الأوامر الجاهزة بذاكرة معطوبة و مسجاة برائحة غدر و خيبة إلى ثلاثة و ثلاثين سنة قد أنقضت , حيث كان يسمى في أنحاء المعمورة بـ ( أبو الوطن ) لحبه و اخلاصه للأرض التي ولِد فيها ولم ينل منها بعد ما يثبت شهامته كي يصبح مواطن مئة في المئة . أشتد وطيس الحرب و طُلب كي يدافع عن وطناً آمن به و بأهله و ناسه , بنسماته و ذراته , بآماله و إنكسارته .. لم تكن تلك المهمة تختلف كثيراً عن غيرها من المهام , غاصت في داخله رائحة البارود من كل صوب , يتسلل ذلك الشيء إلى وجدانه وهو لا يعرفه , ذلك الاحساس الذي يهيج كيانك بإنك سوف تموت بعد دقائق ليست كأيةِ موته .. بل هو موتٌ و إستشهاد من أجل الوطن .. من أجل الأرض التي آوئته و أسكنته و أطعمته .. ها هو ذا يعيد المعروف بالإحسان .. دموعٌ جاثية قد جفت تطارد و جنتاه , أرواح الشهداء من كل اتجاه تحاصره , عدوٌ واحد خدع نفسه بالأبواق و المدافع , أنتصر على انسانيته بأكاذيب باطلة , خلقها لنفسه كي يقتنع إنه على وجه من وجوه الكمال . ارهابيون أم مجرمون أم جلادون أم قتله ؟ هل تختلف التسمية إن كانت الفجيعة من بعد مصائبهم واحدة ؟ تتوالى القنابل كالأمطار تذوي من كل حدب و صوب .. العدو أمامه يحاصره ضمن خطة ذكية مرسومة بأدق تفاصيلها , حفظَ خطواته القادمة بالحرف الواحد , تفجير العدو لحظة دخوله المكان المراد تفجيره . هذا هو أمامي , رفعَ راية نصره على رأسه المغطى بالشيب و الفحولة , و دفع ببندقيته إلى رأسه , أوقفته تساؤلات خادعة , نزفها العدو بلسانه . - ماذا سوف تستفيد لو قتلتني ؟ سوف يغدرك و يخونك ما تسميه وطناً ! لم يعلم , مالذي دفعه للتردد , جملته المغلولة تلك ؟ و هو الذي قد مرت عليّه الكثير من حوادث الذبح و السفك , و لم يتردد في يوم أن يخدم الوطن مهما كانت المبررات . لقد تم إستغلاله لثانية و تبدلت النقائض , دفعه العدو الغدار ورماه بعقم في رجلاه .. نعم لقد فجّر قدماي ! أبواب من الجحود و النكران قد توالت تتفتح أمامي .. أتيت إليكَ ياوطني حاملاً يتمي على ظهري المنكسر , أرجعتني بقلب جريح و موجوع أحلق بدون أجنحة في سماء وطن من منفى .. مالذي بإمكانه أن يعوض العمر الذي فات ؟ ألفين ريال كل شهر ؟ , يرميها إليّ و يقول خذ و أرحل .. لا ترينا و جهك مرة آخرى . أي وطن ذلك الذي نحبه بالرغم من الآمه و صفعاته و لا يحبنا ؟ نستنشق و نتحسس ذرات أكسجينه وهو يرفضنا ؟ هل الوطن حلمٌ لا نراه إلا في المنام ؟ أو هي المدينة التي نراها من زجاج السيارة و نحن نتحرك بين فضاءات الشوارع , نلمسها ولا نشعر بها و كأنها شيء أكبر من أن نفهمه أو حتى نصدقه أو نكذبه كالقصائد القبيحة التي نكتبها كي نكذبها , و لا ننسبها لأنفسنا لأننا دائماً نسلك طرقاً ليست لنا . مشكلتنا إننا دائماً نرتدي أقنعة تزيف كل حقيقة , فتصبح كل الأكاذيب حقيقة , و الحقيقة أكذوبة ! تلك الحقيقة التي لا أشعر بها .. إنني مواطنٌ في الصمت فقط . الساعة الواحدة / ماهو الوطن ؟ هل هو إمتداد لماضٍ طويل يتكرر بناسه و أهله و أرضه و سماءه و أنفاسه و عاداته و تقاليده ؟ هل هو أنشودة نكررها كل يوم نعبر بها عن حكاياتنا و أحلامنا و تخيلاتنا , نسبح في مياهه و لغته و حضنه , كي نتخلص من روح العبودية التي تكبلنّا بأغلال لا تُرى .. الساعة الثانية / كيف نتخذ تلك القرارت التي تسكننا , قلوبنا تطاردها و عقولنا ترفضها ؟ بالرفض و السلب و النقد و التجريح و التهميش ؟ أم بالإيجاب و القبول و الإذعان و التصديق ؟ أوليس تهميش أراء الآخرين يعني بالضرورة هشاشة أفكارنا ؟ لأننا لا نرفض شيء إلا بسبب رفضه لنا , و لكن هل رفضني الوطن فعلاً , سعيّ إليك سنوات أنتظر مكالمة واحده تطفئ نيران قد أستعرت في وجداني , تتبعثر كل يوم أسئلة كثيرة لا تجد إجابة . تاهت خُطاه .. أنتظر كلمة , إيماءة بسيطة , من أي شخص كي يشاوره و يرشده . الساعة الثالثة / مسحت على رأسه و هي التي ترأه منكباً على دموعه , سكبها بحرارة وهو يتظاهر بالنوم .. - بُني , مالي أراك منكسراً ؟ حاول أن يمسح عبراته وهو يتنهد بصعوبة , و سألها : - أمـاه , يذبحني سؤال , كيف أشعر حد الدماء إني مواطن و وطني يرفضني ؟ - من الذي رفضك ؟ - الوطن ..! - و هل الحكومة هي الوطن ؟ من رفضك ؟ عقول لم تعرفك أم قلوب تعرفك و تحبك ؟ - - ولكني لا أشعر بالمواطنة , لا السماء تقبلني و لا الأرض تريدني و لا حتى النسمات تداعبني .. - و هل الوطن تراب ؟ أم ذرة هواء ؟ - ماذا إذن ؟ - بُني , الوطن هو إنتمائك الوجداني لا المحسوس , أقرب مثال حضني , حضن الأم هو وطنك الأول . - و هل تغدو الأحضان أوطاناً ؟ - و لِمَ لا ؟ إن لم نجد كياناً يقبلنا ؟ طبع قبلة حارة على رأسها , أستنشق ذرة هواء .. شعر ولأول مرة بعد ثلاثة و ثلاثين سنة إنه مواطن حد النخاع .. لبس بدلته الخضراء , و وقف ببسالة و أتخذ قراره في أن يصبح أقوى من الحصن , لأن روحه فداء للوطن سوف تصبح رخيصة الثمن .. و كل ذلك بعد أن وجد وطناً في حضن الصمت . لا تقل ماذا قدم لي الوطن .. بل قل ماذا قدمت أنا للوطن ..! علي عبد الله آل محفوظ |
علي
أيها الموغل في الوطن حد التشتت ~ واللملمه التي لا تنتهي إلا بـ إحتضانه الوطن مفهوم لا يتشكل بـ سهولة موغل في البدلة العسكريه هُنا وما يشعر به صاحبها قصه تختصر شعورنا بالصمت حيال الوطن شُكراً علي |
الجميلة / عائشـة .. ماهو الوطن ؟ هو هذا الشيء الضائع .هو هذه العودة المنتظرة. وحين تعود بعد عام او عامين الى ذلك الشيء الضائع ... تكتشف انك اصبحت ضائعا .. " محمود درويش.. يوميات الحزن العادي " |
الساعة الآن 06:07 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.