![]() |
أختي ( 3 )
قلتِ انتبه لأمنا .. كان المساء صغيراً لم تتكاثف لحيته بعد .. قرأ لتوه المعوذات .. ونفث على نفسه بالسلام .. يترقب كرة القمر ليلهو بها في ملعب السماء ، الوقت كان ملك يدينا .. كلما قضمنا ساعةً .. تناولنا أخرى ، والمسافة بيننا وطن .. شَعب الكلمات تحرر من عبودية الكتمان .. أرضه صدر حنون ، إن المسافات حين تنجو من شكوك النفوس .. تمتلئ ورداً وزهور .
بيتنا كان مدينة .. شجرة البزروميا تحتضن الناصية .. قد شذبتها السنون بهيئة قلبٍ أخضرٍ كبير .. تجلس تحته أمنا .. تحكي عن جيراننا القدامى .. وكيف أنهم مضوا ولم يخبروها ، الميدان تنبت فيه الضحكات .. الصرخات .. الأقدام الصغيرة التي تُسقط الأكواب وتترقب التأنيب ، الجدار يتكئ على جبين الضوء ويربت على شعره ، إبنتك الصغرى ترسم في كراستها شوارع في عتمة المساء .. ومنازل يطل من فرجتها قمران .. هي تقول (( قمرٌ يظهر وراء بيتنا .. ومع سيارتنا يسير قمرٌ آخر )) . الهواء يتناسل عطراً من زهر مشيتها .. كانت إبنتك الكبرى قد صنعت لنا الشاي .. الأكواب تنضح براءة كروحها .. ارتشفتُ منها حيرتها من طبائع البشر وهي تتلوى كأقدارنا .. ارتشفتُ حقيبتها وهي تدس فيه اليوم بعد اليوم تبنى فكرها وحشمتها .. ارتشفتُ آمالها وقد انتفخت كالضوء .. كأبراج مدينتنا .. كالعيون المندهشة ، إننا نقضي ليالينا نرتب أحلامنا ... وللموت ترتيب آخر . كان وجهكِ قصة سجود .. قصيدة من نور .. حكاية الربيع والمطر ، كان حنوناً يتلمس عثرات أسرتنا ويمد عينيه يتلقف فيها الدموع .. يملأ أقداحنا بالزيارات فلا ينضب فيها الضحك والسرور ، أعجب لكِ .. كل هذه السنون .. ولم تزل لك روح طفلة .. كدتُ أن استعيرها منكِ .. لكن خشيتً أن تفعلي .. وأتورط أنا مع هؤلاء البشر . الآن نامت المرايا .. والأرائك اغتصبها الحزن .. وشفاهي عاقر ما عادت تنجب الأبناء ، حدثني يا زمن .. عن الريح كيف تعاشر الرمل وتتواري لتضحك طويلاً خلف الجبل .. عن أرصفة حمقى تمضغ السهر لتفرد جسدها تحت أقدام البشر ، عن الضوء كيف يكسره الزجاج فيخرج مستقيماً ولا يبالي ، تعبتُ يا زمن .. لم تستأذني الطرقات حين رحلتْ وتركتني بلا أقدام .. المساء لم يُراع حرمتي وهو يقتلع فمي ويلوثه بالبكاء .. ما عدتُ أطلب فرحاً .. ما عدتُ أترقب حلماً .. كل ما أبتغيه .. أن تتفلت الأيام من يدي .. ولا تحترق أصابعي . بعد اليوم .. ستكذب الشمس وتدعي أنها تزورنا طوال الشتاء لتدفئتنا .. ستنام الذئاب في حِجر الأيام وتنهش أحلامها .. سأصحو لأجد نجمة مقتولة في طبقي بعدما تآمر عليها أعداء المساء ، أحتاج أن أنظف ذاكرتي لأحشوها بذكريات جديدة ومريرة .. تعوزني مصائب صغيرة أتلهى بها .. أن ابتكر طريقة أخرى للبكاء .. كأن اجمع كل مآسي العمر .. وأجلس بينها .. وأكتب عن الفرح . |
اقتباس:
عند هذا المقطع ... قلت بصوتٍ مسموع : ياللـــه ! مدهش , ثوب لا يناسب ما تكتبه . ماتكتبه يحتاج لمصطلح فضفاض أكثر .. أنيق أكثر ..هذه النفحة من الحزن , والاحتياجات الصعبة , لا تمر بقلم إلا وقد عاشرت صاحبه زمناً .. ياعبدالرحيم ماقرأت لك قبلاً إلا و دخلت مزاج النص .. وهنا تمرغت في آخره ..حقيقةً , لا أعرف من فينا تسلل للآخر , مايعني أن الحرف هنا لا يستهان به .... أمر نسيت التعقيب عليه سابقاً , يلفت انتباهي بشكل رهيب فيما تكتبه , طريقتك الفذة في تدبير خاتمة كل مفطوعة في النص . فتخرج العبارة بسلاسة , وتنفذ بالمعنى الواسع من ضيق النقطة بشكل يبعث على الدهشة .. تابع , يحلو لي مثل هذا الشجن .. |
عبدالرحيم فرغلي ـــــــــــــ * * * بَاسق الترحيب بك . : لَعنْتُك يا صديقي - وَ نادراً - ما أفعلها ، لأنّما يُحرضني على ذلك نَادر جداً .. كُنت أقرأ حُزنك السابق حتّى وصلت لِنبعِ دمعٍ أظنّه : " المساء لم يُراع حرمتي وهو يقتلع فمي ويلوثه بالبكاء . " ، توقفتُ هنا وَ صرختُ باللعْنة مع أنّني قبل التوقف وَ بعده أُكْثِر التّرحّم .! : اقتباس:
ها أنتَ تعيد [ المساء ] وَ [ المرايا ] وَ تُخفي [ القمر / أنت ] الحاضر في الجزأين السابقين لأنّ البداية وَ الحضور كان لها هي فقط من خلال الفعل : " قلتِ " . حِرفيّة لا يُمكن لغيرك إجادتها وَ الجود بها ، فشُكراً تقبّل جبينك . |
|
|
الله يطمنك يا نهلة .. ويسعد بالك .
كنت قلقا من نصي هذا .. كنت أشعر أنه تعويض عن الحالة التي أمر بها ، وأن صدري يضيق ورؤاي أيضا تضيق في حالة كهذه ، ولا أخفيك سرا .. أني على غير عادتي لم أكن لأبالي بمستوى النص ، فقط نوع من البوح الذي يريحني .. فجاء جوابك ليريحني من مغبة الندم والتسرع ، وأن لا بأس به ، وإن كان بالطبع لا يليق بنهلة .. لمعرفتي بحرفيتها ومكانتها .. وسموقها الأدبي . فشكرا لك من القلب .. شكرا لا يوفيك حقك .. وإن امتد مسافة عمر تحياتي وتقديري |
كنتُ دوماً أدرك بأنه يتوجبُ على اللغة أن تنحني لمَن يزيّنها ويُظهرها " عَروساً " في حفلة قراءة وهي اليوم ترتدي عقد المساء وهو مُعلقٌ على طرف عقرب الساعة وتنهمر كـ جليدٍ أبى إلا أن يستقر على نافذة كوخ مُحترق مؤلمة في " بعض حين " بقدر متعة الجمال في أطرافها ومتأنقة جداً في " بعضٍ آخر " بقدر جراح الكفّين من سيلٍ جارف ! سيّدٌ أنت وحرفك " المأمور " مُتعة خاصة بينك عبدالرحيم سأبحث عنك ، |
ارهقتني الايام بالبعد عن أبعادكم وفي لحظات مسروقة استنشقت عطرا لا مثيل له ..{ أتيت مسرعه نحو تلك الانفاس الطيبة حتى انجذبت الى هذا النص المترف بالحزن .. ..{ أدركت حينها أن لأحرفك صوت يرن في اذني لحنه شجن , وايقاعه فتان . . . فـ تحدثني حروفي عن خاصرة القلم و رقص الحكايات نهر الدموع وخطوات مثقلة حتى الممات تحدثني حروفي عن اوردتي وكيف بار عزفها الحزين تداهمني الصدمات والقلب يستنجد وجها أحبه فيستمر الحنين . , يوم آخر قبل الرحيل أرجوك يا اللــــــــه ارفق بي . , فـ ذاك الفراق يملأ السم في الإكسيــــــر يجعل الحيـــاة صعبة نحاول أن نخمد ذكريات الأمس نكفكف مدامعها حتى تنام لكنها تأبى أن تسكننا بصمت ! ! لاتصرخي ياذكريات أحبتي فنداؤك يرهق صحوتي فكيف بغفوتي ؟!! . لك الله . ياقلبا تجرع الفراق علقما ومرار . لك الله . فكم تكوينا شهقات الأيام وتعتصر أرواحنا زفرات الماضي ولكن كما قالوا ..{ تبقى "صرخة" الدهشة تترجم للأسى عنوان ..! حقــــــــــــــاً حدثني يا زمن .. اقتباس:
كل ذالك وأكثر كيف .!! كيف ..؟! كيف ..؟! كيف ..؟! . . تبكينا صرخاتهم , وتهزنا لياليهم , وجسد الألم المرير أصبح شبحا يتوارى خلف قضبان القلوب . , . (( و تتيتم الأفراح مرة أخرى وأظنها ليست الأخيرة )) . . صاحب القلم الرفيع / عبدالرحيم فرغلي لروحك عقد اللافندر ولقلمك طوق الياسمين لافض فوك ولا انكسر لك قلم مبهر حرفك فياض الحس يملك جاذبية وجمالا اخاذ ورحم الله من فقدت واسكنهم تحت العرش العظيم . . مودتي . |
الساعة الآن 07:36 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.