منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (https://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الهدوء (https://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   "حــتَّى إشــتعالٍ ...[آخــَرْ]...!" (https://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=23929)

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي 05-22-2010 09:03 AM

"حــتَّى إشــتعالٍ ...[آخــَرْ]...!"
 
ثمَّةَ عُمرٌ لَمْ أَعِشْه, لَمْ أَشْعُر به يتسلّلُ إلىَ عظاميِ ويُقيمُ خيمةَ الزمن بداخليِ,
ثمَّة عُصُورٌ مررتُ بمحاذَاتهاَ ولَمْ أنتَبه إلى أنّهاَ كلُّ ما كنتُ سأملكْه لَو أنّي فَقَطْ مدَدتُ لهاَ يَدي كيْ ألتقطهاَ وأُنيّمها فيِ جَيبي ...

كبرت قَبْلَ الجَميع, قَبل دُميتي التيِ تعاهدتُ وإيّاهاَ في المَاضي أَنْ نفرحَ سويًّا ونبكيِ سويًّا ونتمسّك بأيدي بعضناَ كيْ لا نَضيعْ,

الآن لم تعُد يدُهاَ اليابسَة تقْوىَ على الإمساك بي ...
بَل إني كلّما سلّمتُها جديلَتي الباردَة كَي تمشطهاَ تأبىَ وترحلُ بيديْهاَ صَوْبَ الضبابْ ... !

كبُر الحزنُ في عيني حتّى إستولَى على كلّ الصور القَديمة والأسماء القَديمة والذكريات التي كنتُ أسقيهاَ دمعي الدافىء كل يوم كي لا تيْبَس !

كبُرَ البُكاء وأضحىَ أثقل من أنْ أحتمل بقَاءَه في تجاويفِ المحَاجر ,
كبر وصنَع من ذرات الملح الداكنَة تلك أرغفَة يلتقطهاَ الحمام ليدسّهاَ في الرسائل التي لن يقرأهاَ أحد !
فقدْ صارَ بُكائي علامَة تستدل بها الكائنات علَى هوامشِ الُوجُود ...


زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي 05-22-2010 09:04 AM

إبكِ ..
حتى لاَ يُحرقكَ الزيت المسكُوبُ فيِ رُوحك !
حتى لاَ يجمَع الهَواءُ أشباهَ رئتك وينفيهاَ للدخانْ !
حتى لاَ تأتيِ فيِ يوم ماطر كيْ تدّعي جفافَ عواصمك / أوراقك / سُنبلتكَ الصغيرَة في ذلك الركن القصيّ من عينكْ .. !

إبكِ,
تنهَّد,
تمطَّ خلفَ السمَاء واهطلْ علَى أتربَة الهاربينَ إلى الفراديس !
كيْ تصنعَ طينًا يُحدّثك في الليْل ويسُكب في قدحكَ رشفَة مَطَر !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي 05-22-2010 09:04 AM

عندما جاع المطر هطلَ على رؤوسناَ بشكل أسرع من المُعتاد,
إقتاتَ منهاَ, تسرّبَ بين المسَاماتْ وأقامَ خيامَهُ القطنيَّة هُناك,

نمَى بينَ أعيُننا كيْ يشربَ كل الصور
التي إدخرناهَا سويًّا لأحبَّة كانُوا معنا ثمَّ أخذهُم
شبحُ الغيابِ بعيدًا حيثُ يستحيلُ لوهنِ أقدامناَ الوصُول !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي 05-22-2010 09:05 AM

فيِ أعْيُن العُشّاق لابُدَّ للسمَاء أن يتضَاعفَ حجْمُهاَ ..
كيفَ لاَ وهيَ الوسادَةُ الأُولىَ لكلِّ ماَ نتمنّاه ولا نعثر عليه !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي 05-22-2010 09:05 AM

ثمَّةَ نُكهَةٌ صامتَةٌ فيِ أكْوابناَ, تُربكُ شعُورناَ بالإرتواءْ
وبأنّناَ في لحْظَة قريبَةٍ جدًّا قدْ سرّبْناَ المَاء
إلى عُروقِ ألسنتِناَ التي أنهكَهاَ الكلاَم حذوَ آذانٍ لاَ تسمَعْ !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي 06-11-2010 11:13 AM

هُوَ آخرُ بُكاءٍ سألفظهُ قبلَ صفيرِ الرحيل,
وآخرُ ذاكرَةٍ سأنفضُ عنهاَ غبارَ الولاَء كيْ أدسهاَ تحت وسائد الريح وتذهبْ حيثُ الأفُول,
حيثُ اللاعوْدَة حتى وإن شاءَتْ ذلكْ .. !
فأناَ لاَ أريدُ لقلبيِ أن يكونَ أحد رهائنكْ,
وأنْ يظلَّ مُعلّقًا بينَ أجفانٍ مسعُورَة الرقادْ, كيْ يراكَ آناء كل إغماضَةٍ طريَّة !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي 06-11-2010 11:14 AM

أخَذَنيِ بينَ يدَيه, حينَ كُنتُ لأول مرَّة طفلةً باريسيَّة العطْر,
تنحنيِ جدائلهاَ السمرُ بينَ أصابعهِ العظيمَة ,
تُغرّدُ عيناهاَ كعصافيرِ المواسمِ الباردَة,

أخذَنيِ بسهُولَة ... لأنّيِ أمامهُ فقطْ, بينَ عينيهِ فقطْ ... بالقُرب منهُ فقطْ
أفقدُ وزنيِ الحقيقيّ,
وأصبحُ ريشةً أضاعَتْ يدَ رسّامهاَ كيْ تقصدَ يديـ /ــه !


زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي 06-11-2010 11:14 AM

فقدتُني بالأمس,
فخرجتُ إلى الشوارعِ أفتشُ عنيّ,
أقلبُ هُدُوء الزمَن رأسًا علَى تعبْ,
أُحدثُ ضوضَاء الحُزن فيِ كل التفاصيل,
وحينَ سألنيِ أحدُ العابرين .. ما بي ؟
أخبرنيِ أنّي قيدَ الهُرُوب إليك,
وأنكَ حزمت آخر حقائب النسيانِ كي ترحلَ .. بي !


الساعة الآن 09:14 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.