![]() |
نصَّبت جفنك منبرا
قالوا : مُشاغلةُ النفس عن الأسى بما تألف ، و يخدم أساها ينُسْيِها ألمَها ... و يُهوِنُ مُصابَها ، و ينقلُها إلى عالَمٍ آخرَ فتعيشُه و تلهو به عن واقعها.
و أنا ممن لجأ إلى الحروف و الكَلِمَاتْ عِوَضاً عن صُحبةِ الحال و الكَلَمَاتْ. فقلتُ شيئاً مِن القصيدِ في والدي (رحمه الله) الذي لم يزلْ حُزني عليه طَرِيَّا ، و شوقي إليه نوَّاحاً شجيا. فقلت: نَصَّبْتَ جَفْنَكَ لِلْمَدَاَمِعِ مِنْبَرَاَ وَ أَثَرْتَ حُزْنَكَ ... فَانْبَرَىَ فِيمَنْ بَرَىَ وَ طَفِقْتَ تَنْثُرُ فِي دُجَاَكَ مَوَاعِظَاً أَتُرُىَ يَتُوُبُ النَّجْمُ أَوْ يَغْفُوُ السُّرَىَ؟ كَفْكِفْ دُمُوُعَكَ مَاَ إِخَالَكَ نَافَعِاً مَنْ لَاَ يُجِيِبُ وَ لَا يَحُسُّ وَ لَا يَرَىَ يَا رَاَحِلَاً عَنِّيِ وَ ذِكْرُكَ لَمْ يَزَلْ يَجْرِيِ بِأَوْرِدَتِيِ مَعَ مَنْ قَدْ جَرَىَ نَفْسِي الْفِدَاَءُ و لَوْ لِتُرْبِةِ نَعْلِهِ حَاشَاهُ قَدْرَاً أَنْ يُبَاعَ وَ يُشْتَرَىَ سَمَتِ النُّفُوسُ عَنِ الْفِدَاَءِ وَ إِنَّمَاَ أَلَمُ الْفِرَاَقِ عَلَىَ النُّهَىَ قَدْ أثَّرَ ضَمَّتْنِيَ الدُّنْيَا بِهِ فَتَغَيَّرْتْ لِتَضُمَّ أَعْظُمَهُ مَعَ لَحْدِ الثَّرِىِ لَوْ كَانَ يَدْرِي الَّلحْدُ مَنْ قَدْ ضَمَّهُ لَغَدَا مُنِيِفَا فَوْقَ هَامَاتِ الذُّرَىَ لَوْ كَاَنَ يَدْرِيِ مَنْ أَتَاَهُ تَبَاَدَلَاَ هُوَ وَ السَّمَاءُ مَكَانَهُ مِمَّاَ يَرَىَ لَوْ كَاَنَ يَدْرِيِ بِكَ يَاَ "أَبِيِ" لَوَجَدْتَهُ -وَ أَظُنُّ- مُنْبَلِجَ الْجَوَاَنِبِ أَخْضَرَ لَوْ كَاَنَ يَدْرِي مَنْ أَتَاهُ لَأَبْرَقَتْ جَنَبَاتُهُ بِكَ وَ اكْتَسَىَ وَ تَعَطَّرَ ظَفِرَتْ بِهِ "أُمُّ الْقُرَىَ" يَا لَيْتَنِيِ أَحْظَىَ بِلَحْدٍ فِيِكِ يَا "أُمَّ الْقُرَىَ" سَأَظَلُّ أَكْتُبُ فِيِكَ فَيْضَ مَدَاَمِعِيِ حَزَنَاً عَلَيْكَ الدَّهْرَ حَتَّى أُقْبَرَ أَتُرَىَ يَعُوُدُ لِيَ الزَّمَانُ كَما مَضَىَ بِكَ أَوْ يَعُوُدَ بِيَ الزَّمَانُ إِلَىَ الْوَرَاَ ؟! يَاَ لَيْتَ أَنِّي مَاَ عَرَفْتُ شَبِيِبَتِيِ و أبتْ عليَّ طفولتي أن أكبُرَ وَاَ حَسْرَتِيِ إِنْ طَاَلَ عُمْرِيَ هَاَهُنَاَ وَحْدِيِ أَذُوُبُ مَضَاَضَةً وَ تَحَسُّرَاَ أَوَ يَاَ تُرَىَ أَلْقىَ الْأَحِبَّةَ بَعْدَمَا خَطَفَتْهُمُ الْأَقْدَاَرُ مِنِّيِ يَا تُرَىَ ؟ سَأَظَلُّ أَنْتَظِرُ اللِّقَاءَ و إن بدا قَدَمُ الزَّمَانِ مُرَاَوِغَاً مَسْتَهْتِرَاً سَأَظَلُّ أَكْتُبُ فِيِكَ حُرَّ قَصَائِدِي وَ أُعَاَنِقُ الْكَلِمَاَتَ حَتَّىَ تَظْهَرَ وَ أُهَدْهِدُ الْعَزَمَاتِ مِنْ وُكُنَاتِهَا وَ أُعَلِّلُ الْأَشْوَاَقَ كَيْ تَتَصَبَّرَ فَغَدَاً سَيَأْتَلِفُ الْأَحِبَّةُ كُلُّهُمْ وَ تَزُوُلُ هَاتِيِكَ الْهُمُوُمُ بِلَا امْتِرَاَ كَمْ هَوَّنَتْ ثِقَتِيِ بِقُرْبِ وِصَالِهِمْ كَرْبِيِ وَ كَمْ جَعَلَتْ يَقِيِنِيِ أَكْثَرَ لَا تَجْزَعِي يا نَفْسُ و احْتَسِبِي فَقَدْ وَقَعَ الَّذِي تَخْشَيْنَهُ و تَقَدَّرَ يَا صَاحِبَيَّ تَرَفَّقَا بِيَ وَ ابْكِيَاَ مَعِيَ الَّذِيِ أَبْكِيِهِ حَتَّىَ تُعْذَرَا أَوْ فَاتْرُكَانِي مِنْ مَلَاَمِكُمَاَ فَمَاَ لَكُمَاَ يَدٌ عِنْدِيِ تذاعُ فَتُشْكَرَا كُفَّا الْمَلَاَمَةَ وَ اتْرُكَاَنِيَ لِلْأُوْلَىَ لمَسَوُا فُؤَاَدِي بِالْعَزَاَ فَتَصَبَّرَ مِنْ كُلِّ ذِيِ قَلَمٍ يَكَادُ إِذَا انْبَرَىَ أَسَدَاً يَحُوُمُ عَلَىَ الرَّدَىَ وَ غَضَنْفَرَا أَفْدِيِهِمُو مِنْ مَعْشَرٍ بَهِمُو الْأَسَى يَحْلُوُ وَ طَعْمُ الصَّابِ يَغْدُوُ مُسْكِرَاَ وَ لَرُبَّ خَاشِعَةٍ إِذَاَ مَا اسْتَنْطَقَتْ لُغَةَ الْجِرَاَحِ أَجَابَهَا وَ تَخَدَّرَ لِيِ نَغْمَةُ الْأَحْزَاَنِ تَطْرُقُ مَسْمَعِيِ وَ لَكمْ يَرَاَعِيِ فَاقْرَؤُوا مَا سَطَّرَ صَلَّىَ عَلَيْنا اللهُ مَا انْسَكَبَ النَّدَىَ أَبَدَاً وَ أَبْرَقَ عَارِضٌ وَ تَحَدَّرَا الكريم -عندي- من يستحضرُ ربه ثم يدعو لوالدي بدعوة صالحة. و لا يشترط كتابتها أو التعقيب لأجلها . |
بسم الله الرحمن الرحيم
" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " لا تُرافق الحزن أخي الكريم فهذا قضاء الله وقدره أعلم أيها ألأخ الفاضل أن فقد الأحبة ليس بالأمر الهين فوعاء الموت مكتوب علينا جميعا أن نشرب منه • اللهم اغفر لهُ وارحمه , وعافه واعف عنه , وأكرم نزله ووسع مدخله |
اقتباس:
لربما يختلف الناس في تلقي الصدمات ... خصوصا و أنه أول حدث وفاة يهمني في العائلة .. لذا كان الأمر أشد و اصعب على قلبي. اشكرك كثيرا .. و بارك الله فيك |
الأخ مجاهد السهلي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... لله ما أخذ وله ما بقى .. أحسن الله عزاءكم .. وعظم أجركم .. وتغمد فقيدكم برحمته الواسعة وإنّا لله وإنّا إليهِ لراجعون .. لقد بلغت كمال الشاعرية في كمال صفات المغفور له بإذن الله تعالى |
اقتباس:
جزاك الله خيرا أيها الطيب.عبد الإله المالك.. و لا حرمني الله صحبة أمثالك من الطيبين |
الساعة الآن 12:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.