![]() |
عشرة أعوام ..
دائما تتفاخر أمام أبناءها و بحضوره أنها تصغره بعشرة أعوام !! و أن أحداً في عيادة السكّر نظر إليها بإعجاب ... و آخر مدّ لها عكازه لتتكئ عليه و هي تنتظر صرف الدواء .. رغم أن السبعين لم ترأف بخدها الممتلئ و لم تحنو على كفها المخضب بالحناء .. فرسم العمر هو الآخر خطوطاً سريالية على أنحاء جسمها المترهل ... لوحات لا يفسرها إلا هي .. و من ناصفها رغيف الأيام التي لم تعِدها بالكثير و سلبتها الأكثر .. قالت لأول فرحتها : ( محمد ) بسألك ، ليش كل الرجاجيل عيونهم زايغة ! حتى و هم على الكرسي المتحرك !! ابتسم محمد و هو يسترق النظر إلى وجه أبيه الممتقع الغاضب المتوقّع انفجاره و انطلاق شظاياه بين لحظة و أخرى .. أردفت السبعينية : شفيك ساكت ! ، و حيرَت الجميع هل كانت تخاطب الغاضب أم المبتسم ! انهالت تعليقات الأبناء و من يتعلق بهم ما بين الهزل و المزاح في محاولة لم تفلح لطرد شبح الاحتدام بين القوتين العظميين ... و دوّى انفجار تناثرت أول شظاياه لتصيب ( محمد ) : سكِّت أمك لا أعلمها شغلها ! بعد ساعة .... كانت تخبره سراً يعلمه الجميع : مرت أخوك الثالثة حامل !! و يأخذ الحديث منحى جميل : آنا الوحيد اللي ما جاب لك شريكة ! ابتسمت بشحّ : إيييه ما قصرت .. وتيرة الحياة تسير وفق سياسة و أسس مختلفة متشابهة بخطوطها العريضة ... أن آخر العمر هو الحصاد الحقيقي .. لكل ما مضى و هو اختزال لمسيرة مضت كومضة ... دائما يردد : إذا خلاك البين ما خلاك الكبر ... فتُعقّب : لا تشركني معاك نسيت ؟ ... آنا أصغر منك بعشر سنين !! و لا يفتأ يستذكر جمالها الذي لا زال له أطلال على وجهها و قلبها و روحها المتعبة القلقة ... حتى تعود لها بعض حمرة الصبا على استحياء ... لتتورد وجنتيها : استح يا بو محمد العيال يمنا ! تعثّرت .. انكسر حوضها .. و ظهر من العلل ما خفي ... أمكم تعاني من سرطان القولون ... و رحلت أم محمد ... تاركة له عشر سنوات ... كانت تعيّره بها على سبيل الدلال .... سأله جاره : شلونك عقب أم محمد ؟ و كأنه اكتشف مؤخراً أنه عاشق المستحيل ... المتأخر عن بداية قصة حبه خمسين عاماً مضت ! لم يعقب بجواب ... لملم أحجار صمته و ما كاد يتناثر من عاطفته المتطرفة .. ألقى السلام باقتضاب و مضى خلف باب منزله الفارغ منها ... الكبر يمنعه من خطة الهروب السريع اتقاء لهطول مطر الحنين ... على الفناء و الممر .. على السجاد و الأثاث الذي لم يبدِ إعجابه به قط .. لأنه اختيارها .. اختار أن يفقد ذاكرته كلها و يردد بلا كلل أو ملل : متى تردّ أمكم من الطبيب ؟ ( يبدو أنه أكثر مِن ( أَحبَّها ) ) |
لم يكن سردا وفقط، بيد أنه حقيق واقع أغمس القارئ بين فصيح وفصيح، فصيح الحال وفصيح المآل، إجادة قصصية أرفع لها القبعة. تحياتي |
ياااا لله !!
بين الحاصل ومغبّة تصديقه شعرةٌ تقصمُ ظهر التصبّر وتنعى بقيّة ما كان بصمتٍ لاذع حين تخون الذكرى بقيّة الثبات تبدأ صولة التّناسي بالتّعملق بين ضحكات البداية وعَبرات النّهاية (حادثات) تستفزُّ المحاجر والقلوب بفيضٍ من العَبَرات يا ضوء أبكيتني وكأن المشهد قائمٌ أمامي ما أبهاكِ |
اقتباس:
و أنحني تقديراً لكل حضور و قراءة أستاذي الأدميرال بن نزّال ... |
اقتباس:
رشا عرابي .. قادمة من مراتب العطاء العليا أنتِ .. |
قصة رائعة هطولها وتسلسلها ونبضها متسارع وما ان تصل الى النهاية يشتعل داخلك الفضول كيف ستكون القصة القادمه
اختنا ضوء مستمتعين جدا بقراءة قلمك |
قصة تحمل من العِبر الكثير
هي حقيقة الواقع الذي لا يفهمه إلا من اعترك مراحل الحياة أجدت السرد والتوصيف غاليتي سلمت الأنامل |
اقتباس:
كذلك قصصنا ... حالة اشتعال مآلها للرماد بعد كل خاتمة .. سليمان عباس .. شاعرنا الأنيق حللت أهلا و نترقب لعودة منتظرة مع قصة لا زالت في رحم المجهول ... حياك المولى .. |
الساعة الآن 12:25 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.