![]() |
"رسائل الوصل"
رسائل الوصل رسائل الوجد رسائل الصبر ورسائل للأوطان ✦ ✧ ✦ نخطّها همسًا من الوجدان اجعلوا حبرها يفوح حبًّا لعلّ من نكتب لهم يكونون بخير. ✦ ✧ ✦ هنا رسائل أدبية اكتبوها لمن شئتم، وكيف شئتم ودعو حبرها يسيل دفئًا ومعنى 'asrar mansia |
رسائل الوصل
رسالة الحنين إلى أبي فراس الحمداني أيّها الأمير الشاعر، يا من جعلتَ للحب لغةً تبقى حتى بعد أن أحاط بك الأسر، وجعلتَ من الشوق وطنًا، ومن الشعر زادًا لا يَفنى. كنتَ أسيرًا، لكن قلبك ظلَّ حرًّا، يخفق بما لا تُقيّده قضبان ولا تحبسه أسوار. كنتَ تُصغي لصوتك الداخلي، وتقول: «أراكَ عصيَّ الدمعِ شيمتُكَ الصبرُ أما للهوى نهيٌ عليكَ ولا أمرُ؟» فانسكبت من بين يديك شكوى المحبّ، لا يخفيها الكبرياء ولا يردعها القيد. كنتَ تُعلّمنا أنّ الحب أقوى من الحديد وأن الشوق لا يذبل وإن حاصره العدو. «بَلى، أنا مُشتاقٌ وعنديَ لوعةٌ، ولكنَّ مثلي لا يُذاعُ له سرُّ.» أيها الأمير كم من عاشقٍ قرأ أبياتك، فوجد فيها نفسه بين التردّد والبوح، بين لوعة الشوق وصمت الكبرياء. لقد حملتَ وجدانك في الأسر كمن يحمل جمرًا على كفّه، لا يُلقيه ولا ينطفئ. وعندما أثقلك الليلُ بوحدته، لم تجد إلا دموعك تطرق أبوابك: «إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى، وأذللتُ دمعًا من خلائقه الكِبرُ.» ما أبهى هذا الاعتراف، وما أصدق هذا الانكسار النبيل! علّمتنا أنّ دموع الكبرياء ليست ضعفًا، بل دليلًا على أنّ المحبة أوسع من كلّ جراح. أيّها الأمير العاشق، لقد كانت المناجاة جزءًا منك. حتى الحمامة التي ناحت بجوارك، جعلتها مرآةً لأوجاع قلبك ومؤنسةً في غربتك: «أقولُ وقد ناحت بقربي حمامةٌ، أيا جارَتا هل تشعرينَ بحالي؟» كأنّي أنا الحمامة التي بكت معك، وردّدت أنينك عبر الأفق البعيد. قصيدتك تلك لم تكن حديثًا عابرًا مع طائرٍ وحيد، بل كانت مناجاة مع الحرية، مع الغربة، مع كلّ قلبٍ مثقلٍ بالوحشة. وكأنك ما ناجيتَها إلا لتقول إنَّ الأسر لم يطفئ جذوة الحب في داخلك، بل زادها اشتعالًا. فالحب عندك لم يكن هوى عابرًا، بل كرامةً تعيش بها وتفنى بها. يا أبا فراس، في زمنٍ تُطفئه الخيانات ويثقلُه الغياب، ما زالت أشعارك تصنع عزاءنا، وما زالت كلماتك نافذةً نطلّ منها على معنى العشق الحقّ. علّمتنا أنَّ الشاعر قد يُسلب سيفه، لكن لا يُسلب قلبه. قد يُكبَّل بالحديد، لكن لا يُكبَّل شوقه. وهكذا بقيتَ، أسيرًا للجسد، حرًّا في وجدانك، عاشقًا لم يتخلَّ عن حنينه. سلامٌ عليك، يا من جعلتَ القصيدة حضنًا، والحبَّ هويةً، والشعرَ وطنًا للقلوب التائهة. سلامٌ على قلبك الذي نزف شوقًا، فصار بلسمًا لأرواحنا عبر القرون. 'asrar mansia |
رسائل الوصل
"رسالة إلى "الأطلال" إلى القصيدة التي خلّدها الزمان إلى النغم الذي صاغ الحبَّ وجعل منه أثرًا لا يزول… إليكِ أكتب. ✦ ✧ ✦ أيتها القصيدةُ الخالدةُ في فم الزمان سامحَ اللهُ من كتبكِ ومن غنّاكِ وما ترنّمَ بكِ عصفورٌ على الأيك فهو مثلي، عاشقٌ أبلَاهَ الكَرى. ؛ أقفُ على أنغامكِ وأسألكِ: هل بقي للحبِّ أطلالٌ سوى خربشاتٍ يخطُّها القلبُ عبثًا لعلَّ نارَه أن تُطفأ؟ ✦ ✧ ✦ نعم… كنّا صروحًا في الهوى شامخةً كقممٍ لا تُطال آه، ما أعظمَ الحبَّ إذ صاغنا من ضعف، ورفعنا على أكتاف الحلم يغمرُنا بعذوبته حتى حسبناه خلودًا لا يزول. كان للحبِّ جلالٌ يفيض علينا، بهاءً وسحرًا يمشي في قلوبنا واثقًا كأن الأرض تُسلّم له أمرها ; كم بدا حسنه فاتنًا قاسيًا مترفًا يفوح منه عبقٌ كأنفاس الرُّبى في أول الفجر. --- غير أنّ سُكْرَه بالمجد جعل طرفه يسهُو فتاه عن الدرب كأحلام المساء حين تغيب وترك خلفه فراغًا وسرابًا من حنين. ✦ ✧ ✦ وما ألبثنا حتى عصفت بنا الأقدار فإذا العيون التي عرفت النوم يومًا تصحو على سهرٍ طويل "وأصبحتْ عيني بعد الكرى تقول للتسهيد: لا ترحلي." وها هو الحنين يتهادى في أضلعي يشعل كل ثانية جمرةً في دمي كطائرِ شوقٍ مرَّ بأيكٍ، فغنّى الألمَ بدل الغرام. أيُّ قلبٍ هذا الذي سمح للخراب أن يسكننا؟ ألهذا الحدّ كان الحبُّ عابرًا؟ ✦ ✧ ✦ فانهدمت جدرانُنا، وباتت بقايا الهوى غبارًا يحمله الليلُ في صمتهِ إلى منفى النسيان. ؛ وأنا بين الإعجابِ والاعتراض أبقى أسيرَ سؤالٍ لا يهدأ: أكان الحبُّ قدرًا أم خدعةَ قلبٍ آمنَ أكثر مما ينبغي؟ أيُّ سحرٍ هذا الذي جعلَ قلوبَنا تُصدّقُ الوهمَ وتنسى حدودَ المستحيل؟ ✦ ✧ ✦ نعم… كنّا صروحًا في الهوى لكنها اليوم جدرانٌ متداعية حجارةٌ تروي قصةَ انهيار وزوايا موحشةٌ تنطق بالخذلان. كلُّ حجرٍ شاهدُ وجع وكلُّ ركنٍ صدى لأنينٍ قديم هنا بقايا ضحكاتٍ جفّت وهناك دموعٌ جمدت على عتبةِ الغياب. ما أقسى أن يُصبح الحبُّ أطلالًا تدلُّنا على الجرح أكثر مما تدلُّنا على الذكرى كأنها قبورٌ مُشرعةُ الأبواب يُقيم فيها الشوقُ مأتمًا لا ينتهي. ✦ ✧ ✦ يا حبيبي كلُّ شيءٍ بقضاء، ما بأيدينا… خُلقنا تعساء." 'asrar mansia |
الساعة الآن 03:53 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.