آخر الحروف الأبجدية أنتِ
سحقاً وما زال الشاب العربي يتأخر عن أنثى شرقية أصيلة لكن أصالتها أرهقتها من أحداث الزمن الذي ترى فيه المسلمين يتناحرون فيما بينهم من أجل اللهث عن ملذات الدنيا ، فكان منهم عبدة الدينار والدرهم
هناك في الميناء القديم ، كان موعد اللقاء المعتاد
حين اكتمال القمر بدراً فينثر نوره على سطح البحر
كانت البداية دوماً تسجل بابتسامتها
هناك يلتقي البدران فيخجل بدرُ السماء من بدر الأرض فيتوارى عن الأنظار
وهنا فقط تنتهي كل حكايا الدنيا وتبدأ حكايتها
هي الراوية ، هي جمال تفاصيل الحبكة
هي من تختار بدقة العنوان فكان اسمها ( آخر حروف النساء )
على الشاطئ كانت تجلس فوق صخرة وقدميها الحافيتين يغسلهما ماء البحر المالح
الذي من ملوحته يشابه علقم حياتها لكنها رغم ذلك تبتسم
تهمس لنفسها أو لعلها تخاطب البحر ليته يصدقني الميعاد
هل كل الرجال هكذا ، أم أني ابتليت بهذا الأحمق
لماذا كل يوم هو في أمر مختلف
رجلٌ يحب الهزل والعبث لا يأخذ الأمور بجدية تامة
لكنه يكشر عن أنيابه حين يستفز
أكرهه ملامح غضبه أو ربما أخافه
الشاب العربي أصيل في ذاته وعروبته التي تحمل الكرامة
نعم أراها فيه ، في تفاصيله ، في كلامه ، في حدته
تقاسيم وجهه تخبرني بأني أمام مجهول لكنه جاذبيتي
ورغم ذلك أنقاد له بهدوء وقلبي يرقص طرباً
من بعيد تراه يأتي ، تحاول أن تخفي ابتسامتها كأن عينيها لا تنظر إلى شيء سواه
تراقب خطواته و حين وصل إليها وقفت ثم قالت خمس وثلاثين
ينظر إليها بتعجب !!!
قالت البحر ، أقصد الشمس تأتي ، زاد توترها وحَرَجُها
ابتسم في هدوئه المعتاد الذي أعشقه للجنون
ثم قال بصوته الذي انسل لأعمق نقطة في قلبي
ألن تلقي علي السلام والسؤال عن الحال
ازداد خجلها فوق طاقتها وعجزت عن الكلام
أخذ بيدها وقبلها بهدوء حاولت أن تنسحب من الموقف بطريقة دبلوماسية
لكنه طوقها كالمحارب من خصرها ونصب بحدة نظرتهُ إليها
أخيراً أعلنت الاستسلام لأنها أيقنت أنها وقعتَ كماشة بين جنود يديه
يدي محارب لا يرضى إلا يقمع كل الجنود أمامه
فدوماً يردد على مسمعي ( أنتِ معركتي التي لا أقبل الانهزام إلا بخروج الروح عن الجسد ، فحين أرى الرجال تلوح سيوفها حول معسكركِ ، أركض بكل جيوشي لاستئصالهم من جذورهم ، فأنا ملكٌ لا تليق بي إلا الملكات وأنت ملكتي العذبة ، فآخر حروف النساء أنتِ ، ربما آخر كل اللغات كانت عينيكِ )
هذا الشاب العربي يحمل معه قسوة الصحراء والترحال
لكنه ممزوج بقالبٍ ظاهره الجفا وبداخله رأفةٌ عظيمة
وأنا تائهة بين أمواجه التي تلطمني من حيث لا أدري
لكني أنا من ذهبت في عرض بحره وألقيت المرساة إلى قاع المحيط
فليس لي رغبة إلا أنتَ ، وليس لي جمال يسحر عيني سواكَ
سأكتفي بكَ لأني أنثى حقيقية من منبت طاهر
وسأكون أرضك الخصبة التي تشتاق دوماً لأمطارك العذبة
كن دوماً كما عهدتك ، كما ظننتك ، كما رأيتك
وقف الشاب العربي كالشامخ ينظر إليها كقائد اجتاح الأرض عدلاً ووفاءً
وأردف قائلاً سيفي لم يرفع إلا للحق
وكلمتني لا يلوثها باطل أو تخاذل
وأنتِ فقط من سيكون لك الشاهدين والسلام… !