...
إذا قلت عن جرحي فلست أبالغ
وهذا أنين الجرح بالجرح بازغ
وقالوا عبوس قمطرير من الأسى
فؤادي رهيف للكآبة ماضغ
رأيت المآسي تصقل الفرد معدنا
له في تلافيف الحشاشة صائغ
إذا لم تذق طعم المرارة يا فتى
فجوهر لبّ الكون كوبه فارغ
يؤرّقني نوح اللّيالي وقرّها
متى يا سهاد العين كنت تراوغ؟
تجذّرت الأنّات تحفر عمقها
وحزني بجدران الكآبة صامغ
ولي في شهيق الرّوح أنبل مخرج
طبيب وطعم المرّ للحلق بالغ
متى يا سهاد اللّيل تجتاز لوعتي
لقد نال منّي السّقم والجرح رائغ
وغصّات حلقي مرّة الطّعم في فمي
ومن قمّة الأثقال فالطّرف زائغ
ونومي على جمر الغضا متلهّب
وحولي لحاف الحزن للقلب سابغ
ألفت من الأحباب فوح بنفسج
فلم يجرحوني! والتّشدّد نازغ
وأنت طريح الرّوح تروي لقصّتي
من النّبض ترياقا هو الشّرب سائغ
عهدنا طريق الظّلم مسدود وجهة
ولا وجه مثل الحقّ والحقّ دامغ
سئمنا دموع الورد! فالورد ذابل
وهذا مسير الظّلم في الدّم والغ
فأين تولّي شطر وجهك تلتقي
بوجه نفاق بالأذيّة صابغ
صديقان لي لا يبرحان مودّتي:
دموعي وأفراحي! وذا العيش رافغ
فيا قمّة الأحزان تزداد نعمة
لتشدو بنوح الشّعر منك النّوابغ
هو المرهم التّرياق يشفي بلمسة
وفي برئه قطرات بوح وناسغ
صباحكم المعطار فنجان قهوتي
وإنّ صفاء الشّعر ليس يراوغ!
فضيلة زياية ( الخنساء)