في البداية ... نفكر بالهروب
فالحلول صعبة ..
ثم نبدأ رحلة اغتراب ...
لتصبح الحياة أصعب ..
فنهرب إلى غربة أبعد ...
في محاولة للانسلاخ من خطايانا ..
نجد أنفسنا في عالم مختلف جداً ... بارد جداً ... منظم و دقيق جداً ...
ندرك قيمة الوقت و القانون و نتحاشى مخالفة الأنظمة ... حتى لا تطولنا العقوبات ..
نبدأ بفقدان ذاكرتنا .. مبادئنا .. أحلامنا ... شعورنا بالانتماء ...
نفقد حتى إحساسنا و انفعالاتنا ... نخلف خلفنا جموعاً بشرية كان بعضها يعانقنا و بعضها يخنقنا ...
تركناهم دفعة واحدة ... و كأننا مجرد اسم رباعي مات منه ثلاثة و رابعهم ينتظر دوره ..
يتغير جلدنا .. يصبح رقيقاً صافياً راوياً ... فالطقس و الطقوس و الخشب المسندة لها أجساد يعيث فيها الجمال بإسراف ...
و رغم التحذير ... تعجبنا أجسامهم و كلامهم و ملمسهم و أنفاسهم ... ننسى أننا أبناء الجفاف و الجفاء ..
و أننا لا نرتعش هباءً ... و كل رعشة لها ألف معنى قد يودي بنا إلى المنفى ... نفكر بالهروب لكن من نوع آخر ..
هروب يعيدنا لإيجاد الحلول الصعبة ... التي جمعنا خيوطها عبر رحلة الفرار ...