منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - قطايِف ~ مَحشي حروف
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-2019, 07:48 AM   #18
رشا عرابي

( شاعرة وكاتبة )
نائب إشراف عام

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضوء خافت مشاهدة المشاركة
قد يعيب البعض على البعض ارتباطهم العاطفي بأشياء يعتبرونها جماد لا إحساس به ...
أشياء شخصية أو ممتلكات ...
لكنها في الحقيقة ارتباط له فلسفة خاصة البعض قد يجدها تافهة و سخيفة و سطحية ...
عموما ...
انا ممن قد صُنِّفت من أولئك التافهين ...
سأحكي قصة ارتباطي بهذا الكوب ...


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
عندما كنا صغاراً ... كان والدي رحمه الله يحرص دائماً على أن يشيع جواً من البهجة بيننا ...
و يحاول أن يتجاوز بنا شعورنا بالنقص بسبب ضيق الحال و قصر ذات اليد ...
فكان و رغم تدينه الشديد ... لا يجد بأساً في إقامة حفل بسيط جداُ ... بمناسبة عيد ميلاد أحدنا ...
فيجلب لنا مواد لنصنع قالب الكيك و نزينه بطرق بسيطة بعد أن يجلب لنا كتاب طهي نقوم بتطبيق بعض وصفاته ...
و يقدم للمحتفى به هدية قد لا تضاهي أحلامه ... لكنها تترك أثر جميلا ... على الأقل لليلة واحدة ... أو لسنوات تمتد حتى الآن ...
فيما أذكر ... أنه في يوم من الأيام ... جمعنا نحن الستة ... و اصطحبنا بسيارته التي تتعطل بنا دائما في منتصف الطريق ...
تاركين والدتنا في المنزل ... و أخذنا إلى السوق بعد ان أخبرنا أنه على كل واحد منا أن يشتري لأمنا هدية ...
دخلنا السوق المركزي و كل واحد منا يحاول ان يختار ما قل ثمنه ... و كبر حجمه ...
و كلما وقعت عيني على شيء ... وجدت يداً أخرى تسبقني إليه ... أو تبعدني عنه ...
حتى وقعت عيني على طقم أكواب مع صحنها ... و أقول لنفسي : ستفرح أمي بها ... و نتوقف عن شرب الحليب بكؤوس الجبنة !!
و بالفعل كان اختياراً موفقا من ناحية السعر و القيمة ...
مضت الأيام ... و تغير الحال ... لأحسن الحال ...
و أصبحنا نحتسي الشاي و القهوة في فناجين بحواف ذهبية ... و ملاعق جميلة و صحون منقوشة بألوان زاهية ...
و نسيت طقم الأكواب الشفاف ...
حتى قبل أعوام قليلة ... كانت أمي تقوم بتجديد مطبخها ... و تقوم بفرز الأواني القديمة تمهيداً للتخلص منها ...
فوقعت عيني على ما تبقى من طقم الأكواب ...
كان أول ما فعلته أني حضرت لي كوباً من الشاي و بدأت أحتسي منه الذكريات ... رشفة رشفة ...

...
و ما تبقى هو كوبين بلا صحون ...
لا زال للشاي فيهما مذاق مختلف ...



نقطة تحوّل، والمسافة بين وبين يرعاها الوفاء والتأمل
بارعة في رصد الشعور يا ضوء

أحبك يا فتاة

 

التوقيع

بالشّعرِ أجدُلُ ماءَ عيني بـ البُكا
خيطٌ يَتوهُ، ولستُ أُدرِكُ أوّلَهْ!

في الشّعرِ أغسِلُني بِـ ماءٍ مالِحٍ
أقتاتُ حرفاً، ما سَمِعتُ تَوسُّلَهْ !!


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رشا عرابي غير متصل   رد مع اقتباس