عنقه كهرهر السيبير والتوليب الخَضِلْ
يتناثر من صدرة ندى الرمان المُنْفعلْ
كان فيروزي الحدقات مهندم الخطوات
وكان يتابع نغم الرُّبَى وصَدَى الأحجيات
وفي بطانة أكمامة أن يحيك القَمَرْ
ويودعة قفص من مجرة ونجم وسهر
تحت غيمة سكرية العذوبة , تخطى مساءْ
لطيف الخُطَى, عاريَ الكاحلين, رشوق الدماءْ
وسار رويدًا رويدًا إلى تلة يانعة
وغرق هيكلَهُ في ربى دوحة ناقعة
وصار يصد الغيوم بقلبٍ يرقّ يدُقّ
ويستمر المطر العذْب والطيف نشوان ألق
وفي برهة مزق الشَّرْقُ أستارَهُ المعتمة
ولاحَ اللجين القمري والنجمة الملهمة
نحاسي العينين ولم يَرَ دخانها القاتما
على المطر إرتاح يذرَع شفق الربى حالما
وطوّقَهُ الأقحوان الجبليّ ومد يمينة
وقبّلَ أجفانه اللامعات ندى وليونة
ودار به: بجداول الضِّياءِ, بعطر الليونة
بتلك الذكرى التي عبقت كل رؤيا مدينة
وأخفاه في صنوبرة لا يَمَلّ منها النَّظَرْ
هل هذا خيال ? وكيف وقد قبل .. قبل القَمرْ
وأدفأة في خميلة عبيريّةِ الزنبق
وكلّلَهُ بالموسيقى, بشفتيه, بالرونق
وفي السنديانة الفضية , في أوراق الشجر
في كلّ جبل نادى الأرجوان : أين المطر
وأين قزحياته العنبرية في تلنا
وأين قلائدة الفضية في حقلنا
وهمست أيائل الجبال تباعا نُريدُ المطر
فردّدتِ أزهار البرتقال : نُريدُ المطر
فأين حبيبي الخمري وساقي ندى زهْرنا
وساكبُ ماء السفرجل والسنابل في ثغرنا
مُبدد كلّ الضجر ودافئ خيلان الخدود
ومهجر قبائل النحل لينبوعِ نهر و عود
يضيءُ العقيق في كلّ معبد كبير القَرَارْ
ويجر مباخرها ويذيب عنها الحصار
ومن أينَ تبرد أحزاننا إن فَقَدْنا المطر
ومَنْ ذا يلحن أشعارنا ? مَن يقفي الوتر