اخترت ان ادون احلامي في دفاتر زرقاء متاحة كي تكون متناسقة داخل خزانتي ، لا اعرف ضرورة لهوسي العجيب في ترتيب الأشياء بنسقٍ صارم ، ربما لأن البعثرة في عقلي لا تتناسب والفوضى خارجه ، على أحد الجهات ان يكون مرتباً بحيث لا يجهدني في البحث والنظر اليه
ولأنني اسكن بلدة يجتاحها الغبار المهيمن جُل ايام العام صيفها شتاءها ، اجدني في المساءات الاكثر وحشة ابحث عنه ، بعود قطن صغير مغمس في دهن الورد اغتال الغبار في الزوايا الداخلية للخشب الأليف حتى تسطع لمعته ويبث عطرا رقيق يشبه رائحة الأمهات القُدامى
حلمت البارحة بأنني اسكن في البحر ، اظنه بحراً، كأنني في الحلم كنت نائمة وبحكم العادة عندما استيقظت في حلمي فزعت وفكرت انني اغرق لوهلة، في اللحظة تلك اخذتني يد ووجهت عيني الى ما يشبه المرآة فوجدتني على هيئتي اطفو في وسط الماء مأخوذة ومرتبكة بالألوان والمخلوقات ، انصت لغناء الموج واتموج ورقصات المرجان الثابت في ارضه والمائل بفضول جهة الاعلى يتمايل والنغم الرتيب ويبعث ما احسسته طمأنينة في ما حول ، كان بحراً بمخلوقاتٍ لم ارها من قبل في هدوءها براعة السكون حين ينبع عن سلام لا يكون الا حين يعبر الكائن في أقرب نقطة للفناء ويعود الى الحياة
في حلمي لم يكن هناك حدث رئيس ، هي اللحظة الأولى الخائفة وانقضت ليثبت المشهد في دعةٍ ويسكن نومي كله كما اظن ، عندما هممت بتدوين الحلم احترت ، ماذا اقول وكيف ولم حلمت هذا الحلم وماا الذي ينتاب وعيي ّ الأول ، وهل كنت مخلوق مائي قبل القبل وهل اخترت حين خيروني ان اصبح ما انا عليه وماذا لو تذكرنا اللحظة الأولى في تكوننا وكل ما مررنا به في ارحام امهاتنا حتى الآن ، هل سنكون اكثر جنوناً أم ستتبنانا الحكمة وتهذب ارواحنا ، وما الذي يجعلنا ما نحن عليه ، لم نصبح بهذا التشابه والإختلاف في آن وما الذي يجعل اثنان من البشر نشئا في نفس الظروف ومُنحا الحظ ذاته يتعاملان بشكل مختلف كرد فعل لحدثٍ واحد وهل كان هذا الحلم اشارة لفتح باب السؤال وهل يصرف الناس اهتمامهم عن احلامهم كي لا ينال منهم اليأس لأنهم لن يكونوا سادة اقدارهم في حلم او ما يسمونه واقع
كنت اتساءل من قبل عن المسميات ودلالاتها ، لم ترمز الوردة للعطر والرقة ولم يكون الإرتواء ضد الظمأ وأنا ارى ان في بعض العطش ارتواء وان بعض النباتات لا تُزهر الا في العطش وان ما تعارف عليه العالم ليس بالضرورة حقيقة لكل فرد في الكون واننا نأتي لهذا الكون طواعية لنخوض تجربة ما لكننا ننسى وننخرط فيما نحن فيه ثم نموت ونتذكر ربما ، هل بدت لهجة الكتابة صارمة ، لا اظنني اجروء على تاكيد او نفي شيء ولا ادعي معرفة حقيقة صيرورتنا ولا مساغب حياتنا ولا معنى الموت حين يكون ممرا لحياة اخرى او منفذا للخلاص من الم العيش ذاته وكيف انظر له هكذا واحزن اذا زار من احب واغضب اذ اصطحب امي بعيدا ذات مساء ربيعي وقبل يوم الامهات بليلة واحدة
كيف وصل بي حلم العيش في ماء غريب وسط مخلوقات غرائبية الى هنا ، لا ادري فعلا لانني حين ارتب بيتي لا اتطاول عليّ وأحاول مجرد محاولة ترتيب دواخلي اتركها على عواهنها تجري مثل نهر حر تنحت ما تنحت في طريقها وتفعل ما تريد
حديث الأحلام للسيدةالمختلة في البيت المسكون رقم ثلاثة الطابق العلوي