أحتاج لترتيب فوضى الصور ...
ملفات كثيرة جداً ... قد تدخِلني موسوعة غينيس !
ارتباطي بآلة التصوير قديم جداً ...
بعمر السادسة ... كان أول لقاء لي بها ...
في زمن لم تكن الهواتف منتشرة و لم يكن التثويق هواية دارجة ...
و بلا غرور ... لي الفضل في وجود ملف صور العائلة النادرة ...
و لأني اعتدت الوقوف خلف الكاميرا ... فمن النادر أن أجد صورة لي
كل ما عثرت عليه في محافظ والدي - رحمه الله - صورتين
واحدة و أنا رضيعة ... و أخرى بعمر الثامنة ...
و أخرى عندما أصبحت صبية ذات ستة عشر ربيعاً ...
لسبب ما ... اعتدت الاختباء خلف آلة التصوير ...
أحببت مراقبة المشهد ... أكثر من الامتزاج به
حتى صار ديدني ... الإقامة في كواليس الحياة اليومية ... و المناسبات المختلفة
شعرت بأني في المكان الذي يستهويني ...
أسبق الجميع و ألحق بهم ... لكن لن أكون معهم
اعتادوا على وجودي خارج الصورة ... و لم يعد أحداً يسأل : لماذا لستِ معنا في هذه اللقطة ؟ ... و أنا أتذكر جيداً أنني لم أكن يومها خلف آلة التصوير
كنُ أحلم ربما ... أو أُنقّب عن ثغرة للهروب ...
أو ربما كنت أعدّ أقلامي القصيرة القليلة ... أحمر ... أصفر ... بنّي !! و البقية لم تأتي !
علبة الألوان الستة ... سجنَتني يومها ...
فاكتفيت بالرصاص ...
أصابني في مقتل ... حين مزّق الصور !
لأني كنت جميلة ! لأنه لم يكن قط موجوداً في الصورة
ترى هل أشبع غليله إحراقها !
حتى صرت أتهرّب من أمي إذا سألتني : هاتي صور زفافكِ !!
و بعد أن ألحّت : يا أمّ ... لم أكن جميلة ... كنت طفلة تلملم أطراف براءتها و تحاول أن تهرب من كل شيء !
لقد تخلصتُ من الصور ... و منه !
و كلما فكرت بترتيب الصور ... يصيبني ارتباك
أحتاج لعام من العزلة ... حتى أرتب الفوضى ... و نفسي
لأقوم بالحذف ... بلا خوف و لا ندم و لا أسف ...
لأرفع بعضها ... و أعلقها على جدار عريض و أبيض أمامي ... حيث أقضي معظم أوقاتي ...
لأبتكر تصنيفاً و أفهرس الذكريات ... حتى لا يصيبني ارتباك مزمن ...
عام ... له طقوس ( خليك بالبيت ) و السبب ( ملفات الصور ) ... و ليس فايروس مطوّر