الشاعر هو الذي يقول الكلمة العادية بطريقة غير عاديه !
وهذا هو الفرق بين الشِعر والكلام !
عندما أراد البدر أن يتحدث عن الفراق لم يكن أول شاعر يتحدث عنه ، الفكرة مستهلكة
الكلام فيها مستهلك أيضاً ، الفرق هو الطريقة في الكلام
يقول البدر :
ليه أحس إني وانا اشوفك حزين
صدري الليله بهمّي ممتلي
كانها الفرقا طلبتك حاجتين
لاتعلمني ولاتكذب علي
الحكاية هنا في قفلة الفكرة ، البيت الأول عادي جداً الشطر الأول من البيت الثاني عادي جداً
العجز في البيت الثاني هو الإعجاز ، مساحة التناقض والتفكير الذي ختم بها البدر البيت
إذ أنه ترك لك مجال للتساؤل " لاتعلمني ولاتكذب علي "
ماذا يريد البدر ؟
لماذا كتب ذلك ماالغاية ؟
إذ كان لايريد من المحبوب أن يتحدث ولا يريد منه السكوت ماذا يريد ؟
مجرد وصولك لهذه الغاية يكون نجح البدر في أنه جعل من الكلام العادي شيء غير عادي !
البدر عندما يتحدث عن العتب يقول :
لا جيت أنا ب اسامحك..
تبكي الجراح ما ودها..
مشتاق ودي أصافحك..
عيت يدي لا امدها !
يكتب العتب بطريقة غير عادية ، يشرك مشاعره في ذلك وصدره وقلبه ويده !
حتى ينهي ذلك بطريقة غير عاديه " عيّت يدي لاامدها "
ليس هو من يرفض ، بل يده التي ترفض تحوّل من الفكرة لحواسه واعضائه بطريقة سهلة للقارئ وصعبة على الشاعر !
لذا عندما يتحدث خالد صالح الحربي عن أنه لايغريه النص وهو مكرر فهو يعني ذلك ، لايعني أنه يطلب نص مُعجِز
بل نص مُختلف يقرأ فيه شيء جديد ، يكون للشاعر فيه بصمته التي تدل عليه وليس على الجميع !