[منى آل جار الله]

معتكف الرؤية

منذ برهة ليست بقريبة
كان الشروق ملتحم بناصية الصباح، كان شبيها بمنجل ذهبي يحصد السنابل التي تفكر أن تلوح بالأفق، مصافحة الشموس حارقا يا قوم ،
كانت تلك العبارة أشد وطأة على قلبي من حرارة شمسهم التي يدعون..
لم أنتعل يوما ما يزعمون ولم أحدق بما ينقشون، كان صوت أبي أقوى ورائحة أمي تلتحف أنفاسي
لكن الصدق الذي زرع بمخيلتي لم يحصد لأن الشمس خانت الفصول الأربعة وتدنت قبل بلوغها الزوال.
الدرب الذي عبد من قبل ذاك الرجل الحبشي مازال يزهر ووقع الهاون الذي يؤذن قبل الآذان يوقظ كل الأرواح البيضاء لتجوب الأرض قبل أن تتلاشى بشروقها.
كان المضي بدون شمس مهلكة والدخول بالظلام متاهة أخرى قد تفقد فيها بعض أحلامك والبقية تدفن سرا
مات الشاه مات الشاه
توخوا الحذر
كلمات تزرع الأمل لأحدهم وتقطف الفرح من مقلة أخر
لطالما تحاشيت الظهور بالمحافل والتصدر يا امي ..
أشفق على معاركي التي خرجت منها مهزومة أحمل احشائي القتلى وأدفن كل مساء ما تبقى من سرنا الصغير الذي دسته جدتي لي يوم ميلادي
لم تزرني جدتي بعد رحيلها بتاتا.. يبدو أنني لست جديرة بذاك السر الصغير
تركت مخالب وحوش الظلام جروحا عميقة.. الحياة صعبة في أغلب الأحيان لم يجدر بهم فعل ذلك بنا.
لم تقف الحافلة لنا ونحن نمضي سيرا..
كانت الحقائب محتشيه بالذكريات التي لا تشبهنا
علمونا ان العمر بعالمهم مقنن وسويعات الفرح لها مقولات مخيفة والحزن يكبر ولا يصغر..
كانت خرائطهم بلا ملامح.. منسدلة تلك الستائر كما اللحى في الوجوه
والعيون جاحظة كمن يشهد هول عظيم.. هشاشة الموقف يجعل من خطواتك وكلماتك محطات اعتقال.
قدماي التي أوشكت ان تنهك، أعلنت يومها براءتي من كل شيء
وأسندت ذاتي الضائعة برواية أحدهم إلى صدر التينة..
كان العالم وقتها يدور حول طقوس رسمت على صخرة ريثما كنت أرسم على صخرة أخرى.