يا عُمق...
أحيانًا، لا يكتمل النصّ إلّا حين يمرّ عبر عيون قارئةٍ تشبه مرآة الروح.
لم تكتبي تعليقًا... بل قرأتِ النص من الداخل، من الجهة اليسرى للقلب، حيث تُخبّأ المعاني التي لا تُقال.
أذهلني هذا الإصغاء النادر، هذا الانتباه للمناطق الهشّة، للعبارات التي تمشي على أطراف أصابعها،
وتلك الصور التي لا ترفع صوتها لكنها تنكسر بصمت، فسمعتِ شروخها حتى قبل أن تقع.
تعليقكِ على عبارة:
"الحضن لا يُطلب كالخبز، بل يُخبز باثنين"
كأنكِ وضعتِ مرآةً في وجه الجملة، فأعادت إليّ صداها الحقيقي،
الصدى الذي لم أسمعه كاملًا إلا من خلالكِ.
حين تقولين:
"رثاء مبطّن لحالٍ لا يُدين الطرف الآخر لكنه يُفكك ألمه"
تضعين يدكِ بدقّة على هدف النص الأعمق... لم أكن أكتب لأسائل، بل لأُفهم،
لأترك بابًا مواربًا بين الغياب والتأمل، بين الرجاء والحدّ الفاصل الذي لا يُقال.
كل مقطع في تعليقكِ كان تأويلاً صادقًا للغصة،
ومساءلة رقيقة للخذلان... لا كاتهام، بل كمحاولة نجاة.
***
يا عُمق،
تعليقكِ ليس "ردًا" — بل هو قصيدة رديفة،
مرآة لا تكرر ما ترى، بل تعيد خلقه بنُضجٍ يحرّر وجعه.
شكرًا لهذا الحنان الذكي،
ولهذا الإصغاء الذي لا يقرأ الحرف بل ينقّب تحته عن نبض الإنسان.
كل التقدير والمودّة لكِ...
على كلماتكِ، وعلى الكتف الخفيّ الذي أسندتِ به النص دون أن تضغطي عليه.
دمتِ قارئة لا تمرّ... بل تعبر وتترك أثرًا.