.
أحد روائع " محمد جواد أموري "
والتي تحيّروا في اسم صاحبها ..
[ عِد وانا أعد ونشوف.. ياهو أكثر هموم ]
عندي وتخاف عليك وتدورك أمك
موش بسواد العين، بصبيها أضمك
... جوابها أكثر من مقنع للزوج وللأم (بل هو شكوى من تعنت - العمّة - وظلمها)، ومقنع للجميع فتقول له : (هل تخشى أمك عليك وأنت معي؟ -وهو استفهام إنكاري- وتقول له، ولتسمع لعمتها: إنني لا (موش) أحفظك (أضمك) في سواد عيني (أي في وسطها، على أهميته)، وإنما في بؤبئها (الصبَي) وهو النقطة السوداء وسط قزحية العين (سوادها)، وقد يسمى (إنسان العين) لأنك ترى نفسك فيه حين التمعن بعين من جاورك. وهنا تجاوزت محبة المعشوق والحفاظ عليه ضمة الصدر وإدخاله إلى القلب، إلى مرحلة أبعد فالحبيب مكانه والحفاظ عليه (أضمه) في العين، ولكن باستدراك بسيط فهي لا (موش) تضمه في قزحية العين (سوادها) وإنما في (صُبي) العين وهو البؤبؤ ومكان دخول الضوء ليتمكن الإنسان من الرؤية، وهو بذلك أهم جزء من أجزاء العين للبصر (وإن كانت جميع الأجزاء لها الدور الفاعل في ذلك). وسمي البؤبؤ (بإنسان العين - لأنك ترى نفسك كإنسان إذا ما دققت في عين مقابلك).
،
يلما عَليك هُموم، عُونك يَاهالماي
چـا خنيَبِت ومحيت لُوبيك الوياي
تعود المحدثة تباري كل من يستمع إليها، ولكن هذه المرة، وبعد أن بزّت كل أقرانها (بما تعانيه)، تعود وتنادي مياه النهر وتباريه متهكمة، كون النهر لا يقارن بالبشر من ناحية (ما يحمله) من الهموم (فالناس تطرح في النهر كل شيء حتى همومها عندما تجلس على ضفافه!)، وتقول له: أنت أيها النهر الذي لا تحمل هماً كهمي، (يل ما عليك هموم!) رغم مشاركة الجميع لهمومهم معك وإضافتها لما بك. هنا لهجة تهكم واضحة للمخاطَب، (يل - وهو حرف نداء بالعامية الدارجة في جنوب العراق (بمعنى يا أيها الذي) لا هموم لك ولا عليك (ما عليك هموم)، أو أنها صغيرة تافهة -مهما كبُرت- مقارنة بما أعانيه - وتطلب مساعدته وهي الأقوى منه، (عونك ياهل الماي)، هل بإمكانك المجيء لمساعدتي يا أيها النهر؟
وتفسير الكلمات العميقة للشاعر هي: كما أن دموع الحزن تفيض من عيون الحزين المكلوم، فإنها تناشد ماء النهر وكأنه خالٍ منها (ما عليك هموم)، وتقول له أنشد (أي أطلب) عونك يا ماء النهر الذي لو وجدت في داخلك هموم كالتي أحملها لكنت (چـا) (خنيَبِت)، أي لفضت ما بك من ماء، وفضت كما تفيض العين، ولتكاثر ماؤك حتى تمكنتَ من محو كل الناس ومعهم كل مصائبهم وهمومهم وما يعانوه، وكذلك لمحيتَ (الزرعَ والضرعَ) من على ضفتيك، هذا فقط لو كانت لديك (مصيبتي)، أو لوكنت تعاني جزءاً منها، أو من مثلها، (لو بيك لوياي). و(الچـا) هنا للاستدراك، أصلها آشوري، لا تزال تستعمل في جنوب العراق ومن قبل كل من انحدر من هناك. والخنياب: هو ارتفاع منسوب المياه في الأنهار حتى الفيضان، وعكسه (الصيهود) أي انخفاضه وعدم القدرة على رفعه للسقي.
د.إيمان نوري الجنابي
،