حبيت اقول
وجبه دسمة
جنون يعرف الطريق
نحن لا نحيا لنفهم الحياة،
بل نحيا لنصمت حين تُفصح عن نفسها بالوجع.
كل صدفةٍ موعدٌ تأخّر،
وكل قدرٍ نحنُ من خفنا أن نختاره.
العاقل فينا يرتّب فوضاه بخشوع،
والمجنون يزرع نظامه في العدم.
كلاهما يعرف الطريق إلى الآخر
ويضلّه طوعًا، لأن الضياع أصدق من الوصول.
الأيام لا تمضي...
نحن الذين نتسرّب منها قطرةً قطرة،
نظن أننا نكبر،
لكننا في الحقيقة نعود إلى أول الحلم:
حرفٌ يتذكّر أنه كان ضوءًا،
وضوءٌ يحنّ إلى عتمة البدء.
الحياة ليست في الفرح،
ولا في قاع الحزن،
بل في تلك اللحظة التي نبتسم فيها ونحن نُنزف —
حين يصبح الألم ترفًا من ترف الوعي،
ويصير البكاء لغةً يتفاهم بها النور والظل.
من يكتب لا يبحث عن معنى،
إنه ينقّب عن صوتٍ للسكوت،
يليق بانهياره حين يصمد.
الكتابة ليست خلاصًا...
إنها احتراقٌ أنيق،
نصعد فيه رمادًا لنتعرّف على ملامحنا من جديد.
نحن فكرةٌ تحاول أن تحلم بنفسها،
نكتب لنقنع الذاكرة أنها ما زالت تتنفس.
فلتدع البياض يتيه في عتمته،
ولتدع قلمك يطفئ النار بالحبر.
فربما، عند آخر السطر،
يكتشف الاثنان أنهما وجهٌ واحدٌ
لدهشةٍ واحدةٍ لا تنتهي.
---
منقول