
بَحَرْ لا زَالْ،
ولا زِلْتْ أَعْشِقِهْ وَأغْرَقْ.
وأتخيَّلْه يِتْحَسَّسْ شِوَارِبْه،
ويِعَدِّلْ مِيْلَة الطِّرْبُوشْ.
وصُوتِهْ كَانْ يَنْسَاب بمَسَامِعْنَا،
كَأَنِّهْ بالمَسَا مِعْنَا.
بِكِلْ حِلْمِه،
وطِيْبَةْ قَلْبَهْ وسِلْمِهْ.
صَعَدْ لَلْمَسْرَحْ يغَنّيْ
وِيَرْفَعْ صُوْتِه الهَادِرْ،
ولأَنّهْ شَمْس قِلْ : أَشْرَقْ.
وأَشْرَقْ نَصْرِي يموِّلْ
وغَنَّانَا مِنْ الأَوَّلْ.
ودقّينا،
................!
شَعَر بالغَصَّهْ،
وحَاوَلْ يِكَمِّلْ، مَا بِقَى بنَصِّهْ.
ودَقْـ ..، قِيْــ ..، ـنَا،
........................!
ودَقْـ ..، قِيْــ ..،
إِرْتِفَعْ شُوْفِهْ،
ومَرّ فْـ بَالِهْ أَعْمَالِه،
قَلَقْ فَيْرُوزْ لمّا يْغِيْب،
أَلَقْ مَنْصُورْ مَعْ عَاصِيْ،
وِحِزْن وسِخْرِيَةْ فِلْمُونْ.
وعَطَاه الحَافِزْ يكَمِّلْ :
ودَقْـ ..،
قِيْــ ..،
بَسْ أَبَى قَلْبِهْ يِكَمِّلْ دَقْ.
* دقينا : آخر ما غنى نصري شمس الدين، قبل أن يسقط على المسرح خالداً.
** رثته فيروز بهذه الكلمات:
غيابك بكاني يا نصري.. كنت قول إذا غبت بكرة بيرجع.. وإذا فليت بكرة بشوفو..
ولا مرة غبت هيك وفلّيت هالقد..
كان بيلبقلك تعيش كتير بعد.. كان بيلبق لصوتك يغني بعد.. كان بيلبقلك العز والاسم والضو..
ما سبق وطلعت ع مسرح ببلدي وإنتَ مش معي..
اليوم لا وجّك ولا صوتك.. ولا قلبك اللي متل الدهب رح يكونوا معي..
بالماضي كنت إنطرك بفرح.. اليوم رح إتذكرك بحزن..
نصري يا رفيقي الوفي وفناني الكبير..
في شي بفني زاد لأنك جيت.. وفي شي نقص لأنك رحت..
كنت ربحي الكبير.. وخسرتك يا نصري.
*** وكتب منصور الرحباني يوم وفاته :
كانت صوره اليوم تتقدم موكبه الراحل.. فخر الدين، ريـبال الوزير، المختار.. وكان هو يتبعها على بحر من الأكف..
نصري.. الذي سهرت على صوته أعمدة بعلبك وجذوع الأرز..
نصري الذي جسّد أفكارنا نحن الأخوين رحباني.. وكان صوتن الهادر..
يرحل اليوم إلى شاطئ الطمأنينة..
إنه جزء منا يرقد اليوم في تراب جون..
من زمان كنا ثلاثة.. نصري وفيلمون وأنا.. وحين رفعتُ رأسي اليوم..
رأيتُ فيلمون يقفُ منفرداً كشجرة في مهب الريح..
أسرعتُ إليه بينما كان ثالثنا نصري يمر بنا لاهياً عنا.. معانقاً موته..
قال فيلمون: السيبة تقف على ثلاثة أعمدة.. وها سقط واحدٌ منها.. فيكف نثبتُ نحنُ ؟
طوقتهُ بذراعي.. واستندنا إلى الحائط نبكي بانتظار سقوطنا.