هل أحبته يوما حتى يأتي ويسألها الآن (الكره لماذا؟) لا تستطيع أن تتذكر للحظة لحظة ذلك الحب الذي يفترضه هو. لكنها تكره نفسها التي افتعلت حبا ما تجاهه، وصدّقها هو. لم تحبه. لا يمكن أنها أحبته. كان مجرد إلى جانبها كما لأيّ شخص آخر أن يكون، وأمضيا الوقت معا لأنه على كل حال كان عندها وقت.... هو لم يكن شيئا بالنسبة إليها، وهي أيضا لم تطلب منه أن تكون شيئا بالنسبة إليه . ]*
(ثم راحت تفتح رسائل وتقلب صورا لرجال آخرين. أغلب الرسائل التي وصلتها في العشرة أعوام الأخيرة، هي رسائل تهدف لإشعارها بالذنب. كلّ هؤلاء الذين بعثوا لها برسائل التأنيب هذه، وغيرهم، لم يبعثوا لها بباقة ورد واحدة. على أية حال هي لا تفهمهم ولا حتى تفهم خطهم في الرسائل. بل لا تعرف ما الهدف من وراء كتابتها. إنها بطبيعية شديدة لا تكترث لها. بالأصح عليها أن تقوم بالكثير من الجهد حتى تكترث لها، ولهم من قبل. أحيانا، عندما تنظر حولها لا تصدّق ولا تعرف كيف يكترث الناس ببعضهم بمثل هذه التلقائية. والدتها، والدها، شقيقها، أصدقاؤها واكتراثهم بعائلاتهم وأحيانا لها. كأنما هي لا تعرف كيف تحبّ، وعندما تحاول، تفعل ذلك بخراقة. غير أنها مع الوقت لم تعد تحارب هذه الخصلة فيها، وصارت تكتفي بما تمنحها لقاءات واحتكاكات قصيرة مع أشخاص مختلفين. تحب أن يقودها أحدهم في سيارته، أن يدخلها فراشه، أن يعطيها ملابسه. وعندما يغادرون ويتركونها في بيوتهم وحدها، تحب أن تتجول بين أشيائهم. تحبّ عدم الألفة مع ما حولها ويعجبها هذا النوع من المتاحف الشخصية. ترتب البيت قليلا، تنظف الأواني وربما تفرغ الثلاجة من الخضار التالفة. ثم يتصلون بحدود الساعة الحادية عشرة ويسألونها إن كان كل شيء على ما يرام، تحبّ ذلك. ثم ترتدي ملابسها وتغادر. تفضل أن تغادر... ]*
* * رواية : كلّنا بعيد بذات المقدار عن الحب .