كسائح شارد يأخذ الميترو لأول مرة، كمغامر يكتشف قارة دون قصد. في لحظة شرود عاطفيّ. أخطأت وجهتي. وقبلي أخطأ كولومبس، فاكتشف أمريكا. ومات وهو يعتقد أنه اكتشف الهند.
يا للروائيين، كما البحارة هم يموتون دائما في لحظة جهل!
قطعا..لم تصل.
أنت المسافر في كل قطار صوب الأسئلة. من قال إنّك وصلت؟ من قال إنك تدري أين هي ذاهبة بك الأجوبة؟ ف"الأجوبة عمياء ..وحدها الأسئلة ترى".
الوقت سفر..
مراكب محملة بالأوهام عادت، وأخرى بحمولة الحلم ذاهبة.
ضحك البحر لما رآني أبحر على زورق من ورق، وأرفع الكلمات أشرعة في وجه المنطق. عساني أعرف..كيف كل هذا قد حصل.
الوقت مطر..
غيمة تغادر الهاتف. وتأتي كي تقيم في حقيبتي. وخلف نافذة الخريف، مطر خفيف.. يطرق قلبي على مهل.
الوقت قدر..
يغلق البحر قميصه. يتفقد ليلاً أزرار الذكرى. يغلقها أيضاً بإمعان، حتى لا يتسرب الملح إلى الكلمات.
ثم يرتدي صوته الأجمل. يدير أرقام هاتف.. يسأل:
وتجيب امرأة:
-ألو نعم!
الوقت ألم..
لماذا نحن نقول دائما"نعم" عندما نرد على الهاتف.. حتى عندما يكون الوقت "لا"؟
الوقت "لا"..
في بهو الحزن الفاخر، تعلّمي الاحتفاء ليلاً بالألم.. كضيف مفاجئ.
هو ألم فقط.. فلا تستعدي له كما لو كان دمعك الأول.
متأخّر هذا البكاء، لحزن جاء سابقا لأوانه، كوداع.
فالوقت وداع..
يقول الحب: ألو.. "نعم"
وتجيب الحياة: ألو "لا". والملح يتسرب عبر خط الهاتف يجتاحنا. بين استبداد الذاكرة، وحياء الوعود. تتابع الأشياء رحلتها.. دوننا. *
* أحلام مستغانمي من روايتها فوضى الحواس
عالقٌ بذاكرتي هذا المقطع كماء البحر يحتّ صخور الذاكرة !