*
أخانا الذي في الكويت، تركي الحربي
حقيقةً أشعر بالإطراء لعودتك خصوصاً للتعقيب مرة أخرى (وأنت الذي لا تعود إلا لعظيم) على الرد المقتبس. كما أحب أن انتهز الفرصة لأنوّه بأنني لست بالوعي الذي يحسبني فيه الجميل تركي - رغم حرصي الشديد ألاّ أكون من [ الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بينهم ]
أرجو أن نترك العاطفة قليلاً..
بحسب الفلاسفة الإغريق، مرحلة ما بعد سقراط تحديداً، فإن الأوتوبيس (صاحب القضية) قبل كل شيء: فكرة. ومن خلال معرفتنا لهذه الفكرة نستطيع التعرّف على الظل في الشارع للسيارة القادمة بأنه " ظِل أوتوبيس " رغم عدم رؤيتنا له حتى الآن.! ثم هناك القوالب، سواءً كان من صنع شركة " تاتا " الهندية أو " مرسيدس بنز " المعروفة فهو يظل أوتوبيساً حتى لو تغيّر لونه أو حجمه قليلاً. حسناً، ماذا لو تعرّض لحادث؟ سيتغير الشكل بالطبع (لئلا أقول يتشوّه) ولكنه لازال أوتوبيساً بالفكرة وبالقالب الذي خرج منه.
حين نشير إلى حافلة ما ونقول إنها مصممة لحمل أربعين راكباً فهذا يعني بالضرورة وجود أربعين كرسي. إذاً كلّ ما عليّ فعله حين أركب - بالإضافة إلى دعاء الركوب - هو الجلوس على الكرسي. المشكلة الآن في زيادة عدد الراكبين، أي الذين لم يجلسوا على الكراسي، بعضهم سيستخدم الأعمدة ليتكأ عليها واقفاً والبعض الآخر سيرى هذه الأعمدة الصغيرة بمثابة الموجودة في ملاهي رقص التعرّي " الستربتيز ". < كالفرق بين الورم الحميد والخبيث.
لو عدنا لرأي فلاسفة مرحلة ما قبل سقراط، سنقول عن الراكبين: ذرّات. هذه الذرّات، حين يتوقف أو يتعطّل أو يتعرض الأوتوبيس لحادث، ستنتشر وتنتقل إلى آلة أخرى وربما أوتوبيس آخر. من النادر جداً، بل من المستحيل، أن تلتقي هذه الذرّات كلها وتتجمّع مستقبلاً في الأوتوبيس الجديد. كما أنه من المستحيل أيضاً انتقاء أو تفادي هذه الذرّات، كل ما يمكننا فعله هو التعايش معها والتصرّف مع مشاكلنا بشكل فردي لا يعكّر صفو الذرّات الأخرى (التي في حالها) ولا نخلق قضية من لا شيء
ما أجمل الأوتوبيس (:
،