منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - النمر الأسود !
الموضوع: النمر الأسود !
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2008, 06:13 PM   #33
حابس المشعل
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية حابس المشعل

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 773

حابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعةحابس المشعل لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


عصام عطية

في مثل هذه الأيام من كل عام.. وعلي مدي 28عاما.. كانت محطات الاذاعة والتليفزيون تكثف الجرعات 'الحليمية' من أغان وأفلام ومقاطع من أحاديث مسجلة.. وذلك استعدادا لحلول ذكري وفاة العندليب الراحل عبدالحليم حافظ.. لكن هذا العام تناول المشاهدون والمستمعون جرعات مكثفة من أغنية 'موعود' التي رأي القائمون علي محطات تليفزيونية وإذاعية.. أنها خير ما يمثل الفترات الحرجة الأخيرة في حياة الراحل أحمد زكي الذي جسد شخصية العندليب في فيلم لم يكتمل..
وفي السنوات القليلة الماضية كانت الذكري التي تؤلب مواجع المتضررين في الفيديو كليب والتطورات الحادة التي فتكت بالأغنية المصرية، فرصة للولولة علي الرصانة والوقار.. والبكاء علي أطلال الفن الراقي والنحيب علي زمن الالتزام وذلك تحت شعار إحياء ذكري العندليب..
والذكري ال 28 لرحيل العندليب عن عمر 47 عاما خففت هذا الاتجاه أو كاد يختفي لسببين أولهما الاستقرار النسبي الذي تمكن الفيديو كليب من تحقيقه رغم أنف الجميع والثاني هو انشغال الجماهير بمرض أحمد زكي الذي لقب بالعندليب في آخر أيامه بسبب فيلم حليم والتشابه الذي ربط بينهما، ورغبة أحمد زكي في تجسيد شخصية عبدالحليم حافظ حتي الأيام الأخيرة لمرضه.. وأوجه التشابه الكثيرة التي تربط قصة حياة الفنانين حافظ وزكي ثم رحيل زكي قبل أيام من حلول ذكري حليم ولسبب ما اعتبرت الجماهير، عبارات ولقطات تأبين الفنان أحمد زكي في حد ذاتها احتفالا بذكري رحيل العندليب دون الحاجة إلي الإشارة المباشرة لذلك.
وبدلا من التركيز علي التفتيش في الدفاتر القديمة لدي مؤرخي التاريخ الفني منذ عقود من أجل إعادة تدوير مقالات ومواضيع لاتخرج عناوينها عن إطار 'أسرار لم تنشر من قبل عن العندليب' و'الحب الوحيد الحقيقي الذي لايعرفه أحد في حياة العندليب' اتسع المجال هذا العام ليشمل كذلك. أسرار لحظات رحيل الفنان الأسمر.. ومحطات تنشرها للمرة الأولي في حياة أحمد زكي.. فها هي قصة حب جمعت بين العندليب وزكي وسعاد حسني والآن الكل يبحث في أوراقه القديمة ليخرج لنا بسر خطير جدا عن الراحلين.. ولكن هناك جهة واحدة لن تنشر أسرار حليم.. ولكن تحتفل بذكري العندليب وهي دار الأوبرا.. صحيح أن دار الأوبرا المصرية لن تغير من عادتها في الاحتفال بذكري عبدالحليم حافظ بإقامة حفلات موسيقية يحييها مطربو الدار ومطرباتها من دون الاشارة إلي أحمد زكي لأنه لم يكن مطربا.. لكن من المؤكد أن مرتادي حفلات الأوبرا سيستمعون إلي أغاني عبدالحليم حافظ علي إيقاع ذكريات النمر الأسود.. وما بين حياته ورحيله حياة امتدت 47 عاما عاشها وهو ملئ بشجن كبير ما أن تلتقي بوجهه وهو يملأ شاشة السينما بفيضان من المشاعر والأحاسيس رقة.. وعذوبة وحبا.. نذوب عشقا عندما نسمع صوت حليم يغني ومشاعره التي تنطق بمعان كثيرة نجدها أيضا في أداء أحمد زكي التمثيلي ولو كان هناك من يلقب حليم بأستاذ المشاعر فهناك من يلقب زكي بأستاذ فن التقمص.. فأحمد وحليم بين الاثنين تشابه كبير سواء في حياتهما أو مرضهما أو حتي وفاتهما..عاني حليم عبر مشواره واجتهد كثيرا.. ولم ينتظر مجئ الفرصة بل طرق كل الأبواب هكذا أيضا عاني أحمد زكي حياة مليئة بالقلق وهو الذي وصفه أحد الأطباء النفسيين بأن هذا القلق هو الذي يخرج لنا ابداعات هذا العبقري..


أنشودة حليم


هل يتصور أحد أن يطلب فنان من منتج الفيلم الذي يؤديه أن يصور مشاهد جنازته حال موته ويعرضها بدلا من مشاهد جنازة بطل الفيلم عبدالحليم الذي يمثله أي بدلا من مشاهد جنازة عبدالحليم حافظ الذي مات في 30 مارس قريبا من تاريخ موت أحمد زكي في 27 من نفس الشهر..
إن أحمد زكي فعلا كان واعيا ليس فقط بأهميته المطلقة التي تطاول أهمية عبدالحليم بل أيضا واعيا بموته القادم ذلك الموت الهاديء والمتوقع وهنا يكمن اختلاف هام بين النجمين ففي اللحظة التي يتحقق فيها الوعي الصريح بالتشابه بينهما من قبل أحمد زكي يتم اختراق هذا التشابه عبر اختلاف طفيف بين طبيعة موت أحمد زكي وعبدالحليم حافظ..
حيث كان الموت في حالة حليم موتا مدويا وانتحار الفتيات بإلقاء أنفسهن من البلكونات أما في حالة أحمد زكي فهو موت بطئ وسرطاني كل يوم ينهش جزءا من جسده.. لا نفاجأ بالموت علي الرغم من تفاقمه في الأيام الأخيرة قبل وفاته.. الكل كان يسأل متي سيموت.. يختلف هذا السؤال بالبداهة عن سؤال سيموت أم لا؟.. من هنا كان الحزن مضاعفا في زمن ما علي عبدالحليم والآن الحزن أكثر علي أحمد زكي..
واذا ذكرنا رسائل المعجبين وتليفونات المحبين التي كانت تصل يوميا لحليم وهو مريض لاننسي تلك الرسائل التي وصلت لأحمد زكي والتي كان آخرها رسالة من أحد معجبيه يعرض عليه التبرع بأي عضو من جسده للمساهمة في شفائه.. أيضا رحل حليم قبل أن يكمل رائعة الموسيقار عبدالوهاب من غير ليه وأيضا رحل زكي قبل أن يكمل رائعته أنشودة حليم..
أنشودة حليم قد بدأت عام 1929 عندما استقبلت قرية الحلوات التابعة لمحافظة الشرقية مولودا جديدا يسمي عبدالحليم علي إسماعيل شبانة والذي توفيت أمه أثناء ولادته وتبعها والده بعد فترة قصيرة.. وبدأت تظهر موهبته الموسيقية أثناء المرحلة الأبتدائية وكان أخوه إسماعيل شبانة أول من درس له مادة الموسيقي بالمدرسة والتحق بعد ذلك بأوركسترا موسيقي الاذاعة المصرية وفي عام 1952 بدأت شهرة عبدالحليم بعد غنائه في الحفلات العامة علي ألحان محمد الموجي وبدأت شهرته من الاتساع عام 1954 عندما قام بالغناء في عيد الثورة معبرا عن أحلام وطموحات الجيل الجديد وبعد مرور 28 عاما مازالت أغنياته سواء العاطفية والوطنية هي الأكثر تعبيرا عن الأحداث السياسية في مصر.. وقد قيل عن عبدالحليم أنه قام بترجمة أحلام وطموحات الدولة إلي أغاني.. وقد ساعدته القصائد الحماسية لشعراء مثل مرسي جميل عزيز وحسين السيد وصلاح جاهين وأحمد شفيق كامل وعبدالرحمن الأبنودي الذين قاموا بكتابة كلمات بسيطة ولكنها معبرة وقد شجعه الموسيقار العظيم محمد عبدالوهاب والملحن الشاب آنذاك بليغ حمدي الذي شاركه في رحلة الابداع فجاءت أغانيه العاطفية بسيطة وصادقة وكان صوته معبرا عن مرحلة شديدة الأهمية في التاريخ العربي حيث الآمال الوطنية وأحلام المستقبل بعد الاستقلال وطرد الاستعمار..
والمحتفلون الآن بذكري وفاته الثامنة والعشرين وهو رقم ليس يوبيليا بأي حال.. يبدو كأنهم لم يهتدوا إلي ما كان يميزه عن سائر فناني جيله من مغنين وممثلين سينمائيين.. المقالات التي كتبت للمناسبة في الصحف والمجالات المصرية علي اختلافها رأت فيه مطرب الثورة مذكرة بأغنياته للسد العالي وللرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. فدائي.. فدائي.. أهدي العروبة دمائي.. كما رأت فيه مطرب الشباب الطموح مثلما في أغنية الناجح يرفع إيده.. كما أنه أصبح مطرب الحب والعشق عندما يقول دمرتني لأنني كنت يوما أحبها.. هذا هو عبدالحليم حافظ الذي جسده أحمد زكي.. ليجسد لنا أنشودة الألم والمرض والعذاب والكفاح والنجاح هي أنشودة حليم..


آخر مشهد


آخر مشهد صوره الفنان الراحل أحمد زكي قبل حدوث أزمته الأخيرة في فيلم حليم يوم 3 مارس كان مشهد ليل خارجي لعبد الحليم حافظ أمام مسرح مدرسة السعيدية بالجيزة.. وهو مشهد استقبال الجمهور لحليم عند وصوله المسرح قبل أن يصعد ويغني قارئة الفنجان التي كان أحمد قد انتهي من تصويرها بالفعل واستغرق تصوير المشهد ما يقرب من الساعة تغلب فيها أحمد علي آلامه ليظهر عكس ما يشعر به وذلك في ظل أجواء كانت مليئة بالأتربة والزوابع وكان هذه بداية أزمته الصحية الأخيرة لتصل إلي مرحلة ذروة الألم ويرحل.. بعد توقف العمل بالفيلم ولكن انتهي الفيلم..

 

حابس المشعل غير متصل   رد مع اقتباس