...
البارحة الساعة السادسة والنصف مساء، حضر أبي إلى مقرّ عملي بالشركة ليصطحبني إلى المنزل، فجأة وبدون أي مبرر نظر باتجاهي قائلا:
"بكرة الصبح بنروح نسوي لك لا مانع"
كنت أريد أن أخرج رأسي من النافذة وأن أصرخ إلى أن تتقطع رئتي، لكني أعرف أن الآباء إذا لاحظوا اهتمامك بموضوع معيّن، ستنقلب الأمور ضدك حتماً، لذا قررت أن أبتسم وأن أمنحه نظرة مليئة بالحب والاحترام تظهر مدى اتزاني العقلي وبلوغي لمرحلة سن الرشد والمسؤولية...!
تنص القوانين هنا في الإمارات على أن يحضر ولي الأمر لتوقيع إذن الحصول على رخصة القيادة، لا أعرف ما هو الاسم الرسمي الذي أطلقته الحكومة على ورقة الإذن لكن التسمية الدارجة لها هي ورقة "لا مانع"...
اليوم... الساعة الواحدة إلا ربع ظهرا، كتب أبي بخط يده: أوافق على منح ابنتي المذكور اسمها أعلاه رخصة القيادة....
تم التوقيع بواسطة والدها.
كل الاتزان والمسؤولية التي ادعيتها طوال البارحة، ماعاد لهم داعي خلاص التوقيع ثابت، عند هذه اللحظة صرخت بقوة يااااااااااي أخيراً، شكراً بابا شكككراً يااااااااااااو... وهو يضحك علي بهدوء، ثم احتضنني وقرصني بيدي قائلاً: "بس فضحتينا!"
الآن أنا مازلت في العمل، قررت أن أكتب هنا لأن ترسبات السعادة التي خضتها الساعة الواحدة مازالت تظهر بين الحين والآخر...
أوه مدير الشركة، حمد، رآني اليوم وأنا أشرب زجاجة بيبسي، ولأن حضرة السادة المحترمين شركة الكوكاكولا عملاء في شركتنا الإعلانية، يمنع منعاً باتا شرب البيبسي أو أي من منتجاته، وأنا أكره الكوكاكولا، عندما رآني أوقفني وطالبني بدفع الغرامة البالغة 2000 درهم..! قلت له بأني سعيدة اليوم ولا يجوز أن يغضبني... وأخبرته عن السبب، نظر ناحيتي وأناأحاول أن أشحذ كل براءة الأطفال في وجهي، قال أخيراً: "رح سامحك اليوم بس" شكرته كثيراً..!
حمد، أب الشركة الروحي، ومؤخراً قرر أن يستقيل من عمله ليتبع حلمه القديم بأن يعمل في مجال بيع القوارب وبنائها، هو رجل محب للبحر والصيدوكل ما يتعلق بالمياه، وأعتقد أنه ينوي العودة إلى لبنان، بلده... قررت أن أرسم له عملاً على لوح من الخشب، وقررت أن أبحث عن لوح خشبي من إحدى السفن في ميناء الدولة...
سأحاول أن أسحب عمتي لتأخذني إلى الميناء غداً... لم أتفق معها بعد، لكنها كل أسبوع تخرج معنا... اشترت لنا تلفازاً مسطحاً جديداً وأصيبت أمي بنوبة خطيرة من السعادة لأنها كانت تنوي شراء واحد منذ فترة...!
همممم خلاص سأذهب
الساعة السادسة والربع، وستصل أمي في أي لحظة
أشعر بالتعب، كان يومي طويلاً، وجميلاً جدا...!
6:15 مساء
فقــد