" الفن والحلم والفعل "
للمبدع جبرا إبراهيم جبرا ،،
الجميل فيما قدمه الأستاذ جبرا أنه لا يتكلم إلا عن انعكاسات / انتكاسات عصره ،،
دون أن يعزل نفسه عن مجمل العملية التاريخية ،، أقرأه دائما فأتصوره يعمل بكل طاقته من خلال اللغة التي يمتلكها ببراعة وتفرد ،،
قرأت هذا الكتاب وأنا صغير فلم أفهم منه شيئا ،، وقرأته لاحقا عدة مرات مع كل مرة أكتشف شيئا ملحا وجديدا وكأني لم يحدث إلا اليوم وسيحدث غدا ،، ما جعلني أبحث دائما عن اقتناء مؤلفاته المترجمة أو التي كتبها بالعربية ،،
يستهل الكاتب رؤيته في الفن والحلم والفعل بالمقارنة ما بين الحلم والكابوس أو الخيال والواقع عند الفنان استنادا لبعض الكتاب كـ مارسيل بروست ،،
مناقشا ومحللا الفرضية القائلة بأن الحقيقة المتجددة ضرورة لازمة للخيال المتجدد ،، كما يبينه بالتفصيل في شعر طرفه بن العبد وغيره من الشعراء ،،
ويستمر جبرا بالخوض في إشكاليات الرواية العربية ،، والوجود والحلم في المسرح ،، وشواطئ الفعل الشعري وتتطور خصائصه الفلسفية ،،
من خلال شكسبير وفلوبير والكيالي والأورفلي والعديد من النقد للنماذج والمنعطفات الفكرية ،، مستعرضا كذلك بعضا من الملاحم القديمة التي استطاع الفن العربي فتح مصاريعها المغلقة وإطلاق أشباحها ،،
حقيقة لا أستطيع حصر هذا الكتاب بعدة عبارات ولن أستطيع الحديث عن المبدع جبرا إبراهيم في موضوع واحد ،،
فكلما قرأته وجدت حياة لا تقهر بتكوين ملامح الإنسان الحر ،، القادر على الحياة والتنفس بحرية ،، لذلك كانت أكثر مؤلفاته بغير العربية ثم أعاد ترجتمها ،،
كل ما يكتبه يتحدث عن رؤيته واعتقاداته بصوت عال وكأنه من خلال هذا كله يعمل على التغلب على تناقضات الحياة فهو في الوقت الذي يختار الحياة يسعى إلى التأثير في الحياة عن طريق ما يمسك به من شخصيات مجسدة للواقع / الحلم للقيم الإنسانية المؤثرة ،،
أتمنى أن يعجبكم هذا الكتاب فأنا على يقين بأنه سيفتح لكم آفاق على إبداعات الأستاذ جبرا في البحث دائما عن الفن الخالد بلا تعقيدات وتجاوزات الهوية
تحياتي للجميع