.
.
في صيف عام 2007 م وصلني كتاب دعوة من إدارة الحضانة العائلية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، للمشاركة في ملتقى ثقافي إيماني خُصص لموظفات الإدارة والدور التابعة لها فقط . ولقد تركوا لي شاكرين حُرية اختيار الموضوع الذي سأقوم بطرحه على الحضور . ولقد احترت فعلاً في انتقاء ذلك الموضوع الذي سأواجه به أولائك الموظفات اللاتي سيحضرن من أجل أن يستمعن لما سأقوله . وبعد تفكير عميق قررت أن أُقدم لهن (العالم الآخر) ، وهو اسم المحاضرة التي قدمتها لهن ، والتي كانت تتكلم عن القراءة ، وأنها عالم آخر فيه أشياء كثيرة لا يعرفها إلا من يدخل عالمها. وكانت نقاط محاضرة ( العالم الآخر )هي كالتالي: [ فوائد القراءة – أعلام صنعتهم القراءة – أسباب العزوف عن القراءة – كيف نُكوّن علاقة حميمة مع الكِتاب – كيف نصنع التركيز في القراءة – قواعد قبل القراءة – قبل أن تشتري كتاباً – من هو القارئ الناجح ؟ . في هذه المحاضرة وقبل دخولي للمسرح الذي خصص لفعاليات الملتقى ، وجدت لوحة إعلانية ضخمة من قماش ، كتب عليها الجدول اليومي لفعاليات الملتقى ، ولقد لاحظت أنهم وضعوا قبل اسمي كلمة (الدكتور) حسين الراوي ! ، فوقفت أمامها أتأملها فابتسمت لها ، فما شعرت إلا برجل الأمن يسألني: عفواً من أنت ؟ قلت: أنا حسين الراوي . قال: أهلاً حضرة الدكتور ! . قلت: والله مش دكتور وأنا أقل من ذلك بكثير كشهادة علمية . فقال: أنا مش فاهم سيادتك ! . قلت له: باقي على موعد المحاضرة ما يقارب الثلث ساعة ، هل أجد عندك كوب قهوة أو شاي على الأقل ؟ . أثناء توجهي للمسرح وجدت بعض السيدات مجتمعات أمام المسرح ، فألقيت عليهن السلام وتابعت طريقي ، فكنت أسمع بعضهن يقول: هو الدكتور هو ، هو ! . حتى استوقفتني إحداهن عند باب المسرح وقالت: أنت الدكتور ؟ قلت: لا ، أنا حسين الراوي . ثم ابتسمت في وجهها وأكملت سيري حتى وصلت إلى الطاولة التي تم تخصيصها لجلوس المحاضرين ، ومن المضحك أنني رأيت ورقة وضعت فوق الطاولة كتب عليها: (الدكتور) حسين الراوي !. كان المسرح مكتظ بالحاضرات حتى أن بعضهن كان يقف في آخر الصالة من دون أن يتوفر لهن مقاعد للجلوس . فلما بدأت حديثي بشكر أصحاب الدعوة والقائمين عليها ، طلبت أن يوفروا كراسي إضافية لمن كن واقفات ، وطلبت كذلك كوب قهوة آخر كي يصل المزاج إلى أجمل حالاته . وأعلنت أني لن ابدأ محاضرتي إلا بعد جلوس الجميع ووصول قهوتي .
.
.