[د.مادلين حنا]

الثامنة و النصف تماماً

نفس المقهى الذى شهد أول لقاء لنا ..
أخلع نظارتى الطبية و أجلس على ذات الطاولة التى نجلس عليها كل مرة ..
نظرت فى ساعتى التى كانت هديته لى فى عيد ميلادى الأخير ..
باقى نصف ساعة على موعده ..
أنظر للساعة مجدداً لعل عقاربها تتحرك ..
لكن عقارب الساعة كانت بطيئة .. مملة ..
كأنها - كقلبى - متجمده فى الإنتظار..




التاسعة إلا عشر دقائق

لماذا أتيت قبل موعدى ؟
لا أعرف ..
أشعر برعشة برد ..
طلبت فنجاناً من الشيكولاته بالحليب ..
يأتى الفنجان سريعاً لأشربه على الفور ..
فتحت حقيبتى لأنظر لوجهى فى مرآتى الصغيرة ..
بالتأكيد سأكون مختلفه عن آخر لقاء لنا
لكن لأى مدى ؟!




تمام التاسعة

دقت الساعة معلنه عن الموعد لكنه لم يأت بعد ..
لم يتأخر يوماً عن موعده ..
حاولت الإتصال به على هاتفه الشخصى لأتعجله لأجد تلك الرسالة الكريهه:
" الهاتف الذى تطلبة ربما يكون مغلقاً أو مرفوع مؤقتاً من الخدمة " ..
أحاول مرة ثانية و ثالثة و رابعة
و لا فائده ..



التاسعة و عشر دقائق ..

بدأت أتململ فى جلستى ..
نظرت حولى لعلى أجده قادماً ..
أشعر بأن كل الوجوه تنظر إلىّ ..
على الطاولة المجاورة لى كان هناك رجل مسن يقرأ الجريدة
و بجواره رجلين يتناقشان فى قضية سياسية بصوت عال
و فى ركن بعيد عاشقان شابان يتناجيان..
و أنا وحيده أنتظر ..



التاسعة و الربع ..

فتحت حقيبتى لأخرج منها ألبوم الصور ..
أول صورة بألبومى هى صورته الأولى التى أهداها لى ..
أتذكر الإهداء المكتوب خلفها : إلى أميرتى السمراء ..
أتصفح الألبوم فى بطء ..
تستوقفنى الصورة الوحيدة التى تجمعنا سوياً و يدى فى يده
أحاول أن أرسم على وجهى إبتسامة لكن قلبى كان يعتريه القلق ..
عامل المقهى يأتى ليأخذ الفنجان الفارغ و يقطع سيل أفكارى
طلبت منه قهوة تركية
و عدت لأفكر ..




التاسعة و النصف ..

يرن هاتفى ..
الرقم غريب و غير مسجل عندى
قلبى يحدثنى أنه هو ..
أرد فى سرعة لأجد شخصاً يطلب رقماً خاطئاً ..
ألقيت الهاتف على الطاولة فى غضب ..
ما ذنب الهاتف ؟
لا أعرف ..
فكرت أن أتصل به مجدداً ..
لكن شيئاً ما جعلنى أتراجع ..




التاسعة و أربعين دقيقة

ترى لماذا لم يأتى ؟
هل نسى موعدنا ؟!
ألملم أشيائى لأغادر المقهى لكن قلبى يأبى أن يذهب ..
يرن الهاتف مجدداً ..
نظرت على الشاشه جملة قصيرة : لديك رسالة جديدة
فتحت الرسالة لأقرأ : أميرتى السمراء لا أعرف ماذا أقول لكن لن أستطيع أن أقابلك اليوم و لا باقى هذا الشهر لأنى سافرت لدواعى العمل
آه .. كم كانت قاسيه تلك الطعنه ..




العاشرة تماماً

أحاول أن ألملم شتات نفسى و أغادر ..
أخرجت ورقة نقدية وضعتها على الطاولة و قمت فى تكاسل
أسير فى الشارع الطويل على غير هدى..
يستوقفنى رجل و امرأه يتشاجران بصوت عالٍ
أشعر فى داخلى بالحزن و الألم لهما و عليهما
لكنى أحاول رسم إبتسامة على وجهى و أواصل السير ..