_24_

"أضمّك إلى صدري..بونابرت"هكذا اختتم نابيلون رسالته والتي أرسلها لـ زوجته جوزفين بعد معركة اوسترليتز الدامية,قد يبدون عبر التاريخ كالصخور ومن الصخور مايتفجّر منه المياه من خلال شقوقه,في عمق التحجّر بحكم الظروف القاسية تتدفّق أعذب المشاعر,نابليون ابن جزيرة كورسيكا الظريف والقصير القامة عاش في أحلك الظروف التي عرفتها الأمّة الفرنسيّة وربّما الاوروبيّة,بالكاد سلمت عائلة فرنسيّة من جور الإعدام أو القتل من خلال الحروب في ذلك الزمان الذي سقطت به تماثيل التقاليد والرجعيّات ورُفعت الأعلام المثلّثة الألوان وسنّت شريعة "حقوق الإنسان"عصرٌ كان لابدّ منه وحينها كان لابدّ من عظيمٍ كنابليون,حارب اوروبا كلّها أو بالأحرى حاربته أوروبا جميعها,كان هو خلاصة عصر الثورة التي أخرجته حاكما لفرنسا النور الذي سعت إلى تصديره إلى كلّ الجيران أبناء الطبقات الكادحة الإخوة بالإنسان,كان نابيلون هو الإسم الرئيس في ذلك العصر من بين كلّ تلك الأسماء التي سطعت في سماء التاريخ(ميترنيخ,ترافلغار,الشتاء الروسيّ,ولنغتون,بلوخر,نيلسون,تاليران,اوسترليتز,أُل م,بيتهوفن,كارل فيخته,واترلو,وليام بت,...)نابيلون والذي حوصر من قبل الجنود الملكيين بعد عودته من منفاه الأوّل حينها قال"لاتطلقوا النار أنتم أمام الامبراطور!" حينها صرخ الكلّ "يحيا الامبراطوووور!!",غازل نابليون أحلامهم وأيقظ أمانيهم رغم أنه تركهم وترك في كلّ بيتٍ أمٍ نائحة تنوح على ربّ منزلها أو ابنٍ فقيد,نابليون نفي أخيرا إلى جزيرة سانت هيلينة وسط المحيط الأطلسي حيث لامكان هناك إلا للعائدون إلى الأرض الهاربون من الأوطان والإنسان,جزيرة ربّما كانت أقرب يابسة لها تبعد ثلاثة آلاف من الأميال العاصفة هناك حيث الـ لاحياة الـ لاإكتراث والـ لاشيء كانت نهاية نابيلون بالكاد ابتلعه الزمان هناك لفتره ليعود,كما عاد هنا عبر لوحة صديقه جاك لويس دافيدز في لوحته هذه يوم أن عبر جبال الألب صوب ايطاليا حيث كانت هناك البداية وأي بداية إذ لم تكن لها نهاية,بالنهاية أحببتُ أن أقول لك بأن تلك النهاية كانت معتادة في رسائل نابيلون الذي مات ومعه ملايين الأموات