" أنا العطش دون فم الماء والجوع في بطون الذكريات ،، أنا دموع السماء والحب بعد الترمّل " ،،
وإنه فيما يبدو حالة غامضة كالحياة والموت ،، نستطيع أن نعرف الكثير عنها إذا نظرنا إليها من الخارج ،،
أما الباطن ،، أما الجوهر ،، فسر مغلق ،،
وأمطرت جدة الليلة ،،
تذكر ماضي الحياة كما يذكره العقلاء جميعا ،، وكما يعرف الحاضر ،،
أما الزمان ،، فيقف وعيه حيال المطر ذاهلا لا يدري من أمر مصافحته شيئا تطمئن إليه النفس ،،
ورحلة إلى عالم أثيري عجيب ،، ملئ بالضباب ،، تتخايل لعينيه وجوه لا تتضح ملامحها ،، كلما حاولت قطرة أن تسلط عليها بصيصا من نور الذاكرة ولت هاربة ،، فابتلعتها الظلمة قبل أن تجف بغموض الوحل ،،
وتجئ منه أحيانا ما يشبه الهمهمة ،، وما أن يرهف السمع ليميز مواقعها حتى تفر متراجعة تاركة صمتا وحيرة ،،
ضاع خفق الريح بالغصن بما حفل تمايله من لذة وألم ،،
حتى الذين عاصروا عهد الوجد العجيب قد أسدلوا ستارا كثيفا من الصمت لحكمة لا تخفى ،، ولك الغربة يا نوارس ،، حتى لا تندثر أجنحتك دون أن يتيح لها الزمان مؤرخ أمين يحدث بأعاجيبها ،، ترى كيف حدثت قصة الموج ؟! ،، متى وقعت ؟! ،،
فكيف أدرك التحليق أن هذا العقل غدا شيئا غير حركته المتواترة ؟! ،، وأن لنبضات القلب معنى غير حركتها المتواترة ؟! ،، في رحلة رعد أخص ما يوصف به الهدوء المطلق ،، تثاءب في ابتسامة ،، وأمطرت جدة ،،
يبقى الحنين ،، ولكن وراء ذلك المظهر حرارة في قرارة النفس والخيال ،، ثم ماذا ؟! ،،
حدث في الماء الراكد حركة غريبة فاجأت سقوطها ،، كأنما ألقي فيه بحجر ،، كيف ؟! ،،
لأول مرة يستثير دهشته شئ فيتساءل : أين الإرادة ؟! ،،
ثورة كاملة ،، خال أنه بصدد مسألة من مسائل الكون ،، بالخيال بات الصدر مورق ،، وفي الواقع كان لحمس حضورك نذير تغيير شامل طال النبض وأرعش جناح الخاطر ،،
أليس الزفير حر ؟! ،، تفكر مليا ثم أجاب بلى سيشهق بالحرية ،،
ملأه بغتة شعوره بالحرية ،، وأضاء نور الشعور جوانب روحه حتى استخفه الطرب ،،
أجل شعور ،، نزل عليه كالإلهام فملأه يقينا لا سبيل إلى الشك فيه ،، يفعل ما يشاء كيف شاء حين يشاء ،، غير مذعن لقوة أو خاضع لعلة ،، لسبب خارجي أو باعث باطني ،،
فحل مسألة الإرادة في لحظة دون أن يبرح مكانه ،، وأنقذ الريح بحماس فائق من وطأة العلل ،، وداخله شعور ،، مزدريا كل قوة أو قانون أو غريزة ،، أهاب به شعوره الباهر أن يجرب أنفاسه فلم يستطع أن يعرض عن نداء الحرية ،، محلقا محملقا في صمت الأفق ،، فلتمطر جدة ،،