منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - الشاعرة شمس نجد والغياب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2009, 09:31 PM   #2
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

افتراضي


صورة الرجل في شعر المرأة
عدد من الشاعرات إنموذجاً






- توطئة



الشاعر المتمكن لا يشعر بقصيدته ولا يتعايش معها عند الإنتهاء من كتابتها ، بينما يذوب ويتلاشى أثناء التعاطي معها ، وهذا ما يفسر لنا بأن المرء لا يشعر بأحاسيسه ، فالمرء لا يشعر بلذة النظر أو بحلاوة الإستطعام بعد ممارسة ذلك الإجراء المادي ، وهذا ما يفسر لنا عدم تحمس الكثير من الشعراء لمعايشة نصوصهم عندما يرون أحاسيسهم متجسدة في قوالب شعرية أمامهم . أما الشاعر الذي يتواصل إحساسه مع نصه الشعري بعد الإنتهاء من كتابته , فهو أمام خيارين : الأول : إنه غير واثق من رأي الناس تجاه هذا النص , لهذا يريد أن يصنع لنفسه الجو النفسي الخاص به . والخيار الثاني : إنه لم يسكب كل ما في جعبته من مشاعر في هذا النص ، لذا فهو يرى النص بطريقة عكسية أي أنه يرى نصه الخارجي لكن بعين مشاعره الداخلية . لهذا فنحن كقراء وكمتابعين نذوب هياماً وعشقاً بنصوص الآخرين الشعرية ، لأننا لم نشعر بمرارة كتابتها ، لهذا نستطعم حلاوتها بعد انتهاء الشاعر من كتابة نصه الشعري . وهذا ما يفسر التصاق أرواحنا بأحاسيس الآخرين , حينما نراها متجسدة أمامنا على الورق في قوالب شعرية .
يقول أحد الفلاسفة إن الطفل يولد وعقله صفحة بيضاء ، وهذا ما يمكن تعميمه على التجربة الشعرية ، وهنا يمكن تصوير هذه التجربة بشيء ملتصق بالأرض على سبيل المثال لتقريب الصورة للفهم ، غير أن القراءات وكثرة الممارسة الكتابية المدعومة بالقراءة والحفظ للأشعار ، والإستفادة من خبرات الآخرين , هو ما يطور هذه التجربة وينميها ، وكلما منح الإنسان تجربته الشعرية فرصة التعلم والإستفادة من خبرات الآخرين أو قراءة عدد لا بأس به من النتاج الفكري الإنساني , ارتفعت هذه التجربة عن الأرض وعلت عن تجارب المتشابهين لها ، وكلما نرفد هذه التجربة بالقراءة والحفظ والإطلاع والممارسة والإستفادة المباشرة أو شبه المباشرة من تجارب الآخرين , علت هذه التجربة أو تلك .
هذا الخلل أجده في شعر المرأة . فشعر غالب النساء نتاج لمجهود فردي . والشعر ككل هو في الأساس مجهود فردي لا عمل جماعي ، لكنني لا أعني بهذا الكلام هذه النظرية ، لكنني أعني من هذا الكلام ، أي النساء على الغالب , ليس لهن موجه آخر من خارج السياق الأنثوي ، تستطيع من خلاله الشاعرة الإستفادة منه ، وهذا غير موجود عند الشعراء الرجال ، حيث أن الرجل قادر على الإلتقاء بأكثر عدد ممكن من الشعراء لتطوير تجربته – إذا أراد لنفسه ذلك ــ لهذا فالرجل من هذه النقطة باستطاعته الإستفادة من تجارب أقرانه من الشعراء أو من هم أكبر منه سنّاً , وأقدم منه تجربة شعرية . أما الشاعرة فالأمر يختلف معها ، فهي إما أنها تلتقي ببنات جنسها من الشاعرات الأخريات ، اللائي يعانين مما تعاني منه هذه الشاعرة أو تلك , من قصور في التجربة وتخبط في الأداء ، وهناك جانب آخر يتعلق بالإطار الإجتماعي للشاعرات , حيث أن العديد من الأهل والأقارب لا يدركون أهمية التعامل مع الشاعرة المنتمية إليهم إجتماعياً ، لاعتبارات عدة منها ، أنه لا كرامة لنبي بين قومه ، أو من باب أن عازف الحي لا يطرب ، لهذا فليس بمقدورهم أو لا يريدون في الأساس التعاطي مع هذه الشاعرة أو تلك بأريحية وانسجام ، وهذا الفعل ينعكس عليها بشكل سلبي ، لذا فهي تتعامل مع نفسها ومع تجربتها الشعرية على أدق تعبير , في أثناء تداخل الأهل معها بحساسية وخوف وتوجس من هذه الناحية . وهناك جانب من الشاعرات تلتقي بشاعر أو أحد المعجبين بها وبشعرها ، وهذا بدوره لا يكون صادقاً معها بالدرجة الأولى في أثناء نصحه لها, ولا يكون نزيهاً في توجيهها وإرشادها خشية أن تغضب عليه ، ومن ثم تهجره لمن سواه ممن يرضون غرورها الزائف ، لهذا تجده يحاول إرضاء غرورها ، ويسعى بالكلام لتذليل أمامها جميع العقبات بشكل وهمي ، ولا يهمه إن أضر هذا الكلام بمستقبل تجربتها الشعرية ، لأن الأهم لديه المحافظة على مستقبله معها .

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس