نتصور أننا نطوع المصير لإرادتنا ،،
قادرين على تحديد الوجهة والتوجهات ،،
لكن هل لنا في الحقيقة أي خيار في الطريقة التي نرتقي بها ؟! ،، أو نهوى بها ؟! ،،
أو أنها قوة أكبر منا ترشدنا إلى الطريق ؟! ،،
فمن الواضح أن الإنسان لا يمكنه أن يختار النصر ،،
يمكنه فقط الوقوف عندما يأتي نداء القدر ،،
آملا أنه سيكون لديه الشجاعة لكي يجيب ،،
ودائما الهدف قاسيا عندما يستقر في كونه الحفاظ على الذات ،،
كالعاطفة ،، كالأرض وهي تعلم حقائق نزاع الحياة مع الموت ،،
مع الأمل والثقة ،، فربما ما زال هناك بصيص عن الحب الذي كنا نعرفه ،،
لذلك وجدت فسحة لمعاودة خواطري السعيدة عن الحياة الجديدة التي أمنت نفسي بها ،،
والتي أرجو بها أن أستنقذ من غياهب الهموم تلك النظرة الباهرة التي أسكرت الروح من الأعماق ،،
حتى أقبلت على الزمن بأمل جذاب ،، خيط طويل الأمد مجهول المصدر ،،
يقول : أين ما تتحدث عنه ؟! ،،
فقلت : ولكن لا ذنب لي ،،
يضحك ويقول : لا مكان لك بيننا ،،
وجعلت أغوص في الحيرة والظلام ،،
أقلعت عن تدخين ما حولي ولكن ظلت الزفرات فر€جتي ورؤى يقظتي ،،
وكلما لمحت شئ من الراحة تراءت لخيالي ابتسامة ،، ملقيا بشفتي بين أحضانها ،،
متلقيا منها مسرات الأريج والألوان ،،
فيقول : لا تبال بشئ ،،
سألته : خبرني كيف يروق لك الابتسام ؟! ،،
همس بإغراء : لا تبال بشئ ،،
فقلت مسحورا : ها قد وصلت ،، ألا تسمع تغريد البلابل ؟! ،،
واندفعت أغني " الزهر في الروض ابتسم " ،، ومن كل ركن ترامت أغنية مشرقة ،،
حتى جلست بلا حراك وأنا أبتسم ،،
وحرصت على كتمان السر ما وسعني ذلك ،،
غير أن الحياة لها رائحة ناطقة من المتعذر إخفاؤها إلى الأبد ،،
تتجلى آثارها في الأحزان الموسمية ،،
واستجاب القدر فجاد علي بالعزيز المنشود ،،
لم أره من قبل ،، كان يرتدي ملابس من كتان أبيض ومعطف من جلد النمر وعلى رأسه تنتصب حمامة ،،
سألته بدهشة : من أنت ؟! ،،
فقال بهدوء مفعم بالثقة : ولماذا تسأل ؟! ،،
ولم يداخلني شك في صدقه أو قدرته ،،
وتلقيت ذلك فيما يشبه الإلهام الذي لا يناقش ،،
كأن تجئ ثمرة بعكس طريق غرسها ليصبح تثاؤب أغصانها خرافة ،،
فقلت بحنق : وددت لو أعرف ،،
فقال : ولماذا تثقل رأسك ؟! ،،
فكرت في قوله ،، ألا يجعل ذلك المستحيل ممكنا ؟! ،،
الراحة ستتوفر بكثرة تفوق الحصر ،،
بذلك لا يهدر عناء ولا يتلاشى سرور ،، دون حاجة ملحّة ،،
كأن تملك زمام أمرك بيدك ،، تحقق حلما متجاوزا كافة العقبات ،،
معركة بين ما يوجد وبين ما سيوجد وأثناء ذلك قد تفقد المعاني معناها ،،
السؤال عن الرغبة والرهبة سيتم اختزاله : البقاء أو الهلاك ،،
لكل شئ هناك وقت ،، ولكل وقت هناك سبب ،،
الأرض تسارع بدورانها ونحن نحاول بكل قوتنا ألا نقع ،،
مثل أول بادرة للشتاء التي تعلن بداية الهجرة ،،
هل هناك تحذير لما يسبق البرودة في أطراف الأجنحة ؟! ،،
أو حدث واحد حرك هذه السلسلة من الخفقات في سرب الفراغات ؟! ،،
الوصول التكيف الهروب ،، في أعماق الغيم أم في ما يغمره شعاع القمر ويمتد على سطح البحر ،،
فلو أمسكنا بهذه اللحظة فهل سنفعل شئ مختلف ؟! ،،
قد تختلط العناصر في البداية ،،
أوطان قديمة تُركت ،،
وجوه غريبة أصبحت مألوفة ،،
وأحلام جديدة لتحدي النوم ،،
لتحويل النظام إلى فوضى ،،
والمعاناة في تحدي الحقيقة الصاعقة حينما الأغصان ترتجف تحت الأقدام ،،
فعندما نكتشف الآفاق المختفية خلف السراب طاقتنا تصبح بلا حدود ،،
توقعات اليوم والغد الملئ بالوعود ،،
لكن عندما تبدأ المقاومة يبدأ الشك ،،
فمن أين يأتي هذا النداء ؟! ،،
وتلك الرغبة في غمر كافة أسرار الحياة بالأخيلة عندما تعجز عنها أبسط الإجابات ،،
لماذا ننتظر ؟! ،، لماذا نحلم ،،
ربما إذا لم ننظر إلى أي شئ ،، لا شغف لا رحمة ،،
ولكن الأرواح طبيعتها الحلم والقلب مصيره النبض ،،
فهكذا نلامس الجراح دون نزف أوجاعنا ،، ودون أن يجيبنا سر واحد ،،
كالنار والحب ،، ضوء متوهج لفجر جديد ،،
رحلة طويلة في البحث عن المعنى لنجده قريب لم يغادرنا ثانية ،،
حتى لا يعود صمت الوحدة وأصواته المزعجة ،،