منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - صحراء راودها الرذاذ . . .
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-07-2009, 11:11 PM   #2
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي نافورة الفجاءة الأولى



....
...
..
.
25 مارس 2009
.
..
...
....

كان مساءً مفاجئا.. جلس معنا على طاولة حوارية استدارت على كوب شاي ونفحة نعناع، ثم غير مداره اللحظي.. رمانا برعشة اليقين، وشوش لي يستأذن ما تبقى من الوقت المتاح، إلى أنقى برااااااااااح.. صحبني معك إلى رذاذ تلك النافورة المتبعثرة في أقصى مصاطب الروح، حملتني كل قطرة منها إليك، نفذت كل معطياتك إلى روحي المتخمة بصحراء جائعة أكَلَتْ جسدي حتى لم تبق فيه إلا ما يخدع النظر بوجود كائن حي، تخلخلت أصابعك إلى جذور أنفاسي، لتجتث الورم الخبيث منها، وصوتك المشحون بالرحيل والضياع والتشرد والملاذ البعيد وكل ما كان أمام ذلك المبكى، التقينا تناجينا، حملتني كالسنونو إلى البعيد السحيق، حيث لا أحد كان معنا، حملتني، بقصائد من ريش وثير، مسدت وحشتي، كسرت قيود الجوع، ربّتت على حزني فبعثت من بين يديك فينيقا جديدا.. مليئا بك انت وحدك، أثرت فيّ حاسيّة الخوف ، نعم الخوف من المجهول، من الغد الذي يطعمنا كل صباح لقمة تخرثت من بارحة العام المنصرم.. ومازلت اقتاته حتى جئت بكلتا يديك لتمنحني الحرية، كنت في الحقيقة احتاج للمسة يديك لألمس حريتي، وقد ملكتها ، حدثتني عيناك أكثر من إنصاتك، ملأتني حيالك رغبة الإجهاش بالحنين، رذاذك لم يكن دافئا لكي يغويني، ولكنه كان مليئا بلحظة البوح، تطايرنا سويا (تسامينا) مع خيوط الدخان المتقافزة من أرواحنا، ملأتني بسعادة جارفة بكتها دموع الخوف .. منك / من البكاء / من الضياع/ من الوهم/ من السقوط إلى هاوية الحقيقة، كنت أطير بجناحيك حيث لم أشعر أنني مخلوق طيني، فقط كل ما كنته خيال منسرح على ذراعك المثخنة بالعطاء، هربنا سويا من عراء أرواحنا، (وجدنانا) التقينا، تماسكنا، تهاوت أرواحنا ببكاء الملهوف إلى مأوى، كأن التشرد جمعنا، نعم، قالتها صاحبة الحنجرة الغنّاء (أنغام) .. "مش برضو يا حبيبي الضياع إحساس حيجمعنا سوا"، فأنا وأنت التقينا، على هدب نافورة فضية نساها الوقت في ركن حديقة عظيمة، تجتمع فيها أحزان البشر، بعيدا عن معلبات الحياة اليومية التي اختنقنا بمنتجاتها، وصخب آلاتها الميتة ، التقينا هنا يا سنونو هذا العمر ، ولدت في أعماقي لأبعث منك آخر نبية موحى لها، فكنت إلهي الذي لم أجبر على عبادته لا بفطرة ولا ملة، كنت الإله الذي انتشل موتي من البأساء، لأخلق من جديد حمامة مليئة بألوان الحياة، تلك الحياة التي سميتها بك.. هناك ولدت باكورة أحلامنا الغضة، التي حفظناها في أقفاصنا الصدرية كيما يراها القبيحون ويقتلونها.. هناك سأبقى دائما.. أمام حلمك الزاهي، أرسمه معك، وأبني تفاصيله من ضلوعي، وأنحته في دمي، فابذرني فيك كلما آن حزن العراء، لنورق على أغصان الوحشة حياة مليئة بنا.. بكل معنى عظيم للحب، وكل معنى سامٍ للالتقاء..


 

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس