منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - صحراء راودها الرذاذ . . .
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2009, 11:49 AM   #3
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي امبارح بالليل - فضل شاكر


....
...
..
.
26 مارس 2009
.
..
...
....
http://www.melody4arab.com/player/player_6174.htm

لم أبرح نافورتَنا تلك الليلة، غادرتُ بجُثّـتي إلى حيثُ أدسُّ نفسي كلَّ يوم تحتَ غطاءٍ خمري ممبوحِ الأطراف، وصحرائي تتعاظمُ وتزيدُ جفاءً وحنقةً عليّ، وأنا مع امْتِلاءاتِ الرّيح في أعصابي أتمايل حتى ينبلج الصبحُ وعينايَ مازالتا تفيضان بغرق البارحة / أرتجف/ أقلّبُ هاتِفي النّقال وأنت/ تزدادُ انْتِفاضتي حتّى لا أشعُرَ بالمُحيطِ الخلوي، كلمةٌ واحدةٌ تكفي لأن تُعيدني منكَ إليّ.. وكُلّما اهتزّ هاتِفي برذاذِكَ أزْدادُ تشبّثًا بك، مضتَ الليلةُ تحمِلُ جميعَ إرهاصاتي وهلعي من غدٍ موحِش، واعترافًا مليئًا بالذوبان.. أأدلي به أم ألملم ما بقي من نُثارِ صحْرائي؟ وأعودُ أدْراجَ الرياحِ حيثُما زلّت بي الأقدار ذات حلم.. بدأتْ دقائِقي تزحَفُ حتّى وصَلتْ إلى الحلقوم، هناكَ عندَ حفّة الانْهيارِ أقبَلتَ بعفوِ الرّبيع، ابتسامَتُك تغمرُ تاريخي المُحنَّط، تُذيبُ يديَّ المتَخشّبتينِ على لَحظةِ الابْتعاد، تُذيب فؤادي / كياني/ روحي/ عينيّ المليئتانِ بلؤلؤِ الأسفار، أفتّشُ عنْك فيكَ كأنّني أبحثُ عمّا انسلّ في نسيجي منْ سلالاتِ السعادة، أُلملمُني فيكَ حتى أتوحّدَ بِك، انْتزعْتُ وهْلَة الشجاعةِ من كيسِ الخوف، وبدتْ يدايَ تتَحدّثانِ عن اعْترافاتي إليك، وأسئلتي المُحاصَرةِ بالدّموع، لم يكنْ حُضنُك صهيلاً يُسرِج صدري ، بل كانَ سماءً عظيمةً توحّدت بأوجاعي ..فكُنّا نحن، سقَطنَ كثيرًا على كتِفِك الأزليّ المجيد، تلملمتُ بين أصابِعك المرتَعشة، سمِعْتُك وأنتَ تغمِسُها في أُذُني ( أحبِّكِ) ودمعةٌ ترقْرَقَت بعظَمَةٍ إلهية مفرطَةٍ سقطَتْ في قلبي.. لم يكُنْ هذا الكُرْسِي صفَّ أخشابٍ صُنوبَريّةٍٍ أو أيٍّ ما كانت، كان عرشًا سَبَئِـيًّا تنْدى أطرافُهُ من دُموعِنا، كانَ الاجْتِياحُ عارِم، تمنّيتُ منْذُ بَدءِ تكويني أنْ امْتَزِجَ بدموعِ أحدِهم، على أنْ يفْهَمَ أسْبابَ السّقُوطِ والانهيالاتِ المُقدّسة هذه. لحظةُ توحُّدِ الرّوحِ باغَتـتْـنا، انْتـشلتْ أجداثَنا منْ موتٍ مُؤكَّدٍ حَلّقتْ بِجراحِنا ونُواحاتِنا.. استـَـفااااااضَتْ حتى غصّتْ بها الرّوح ولَعًا.. امْتَدّتْ مراجِيح ُالرّضا بينَ أعيُنِنا، خَرجْنا من عالمِ البَشَر.. أضْواؤُهُم تُلاحِقُنا وتَبعَثُ فينا الرُّعْبَ لمُجرّدِ الدُّخولِ في دوامةِ التّفكيرِ العقيمةِ بهم.. ها أنا أعتَرِفُ أنّني أرَاكَ أنْتَ لوَحدِكَ... وترقَبُ أنْتَ ارْتعاشاتِ ابْتسامَتي.. واعترافاتِ أنْثى ودَّعَتْ الحياةَ منذُ زَمنْ.. وأقبلَتْ على الإحباط.. اعْتِرافاتُها المخبئة في مندوسِ الحياةِ مليئةً بالهَفواتِ والنّزواتِ والاخْتياراتِ الخاطِئَةِ ومُلاحَقَةِ ضوءٍ بليدٍ سُرعانَ ما تَكتَشِفُ أنّهُ يَغِشُّها ليُضَلِّـلَها ويُغَرّر بها، وحينَ تُفيقُ منْ وهْلَتِها الأولى.. تُعيدُ ترتيبَ حقائِبَها المُدجّجَةِ بالحُبِّ والحنينِ وغُصونِ النعناع .. كانوا يَعبَثونَ بلُعبةِ الحياةِ القذرةِ معها.. لذا، قرّرَتْ أنْ تترُكَ لهم الحياة بكلِّ غثيانِها.. وتعتَكِفَ في زِنزانَةِ الوحْشَةِ الموحشة في عراءٍ شاسِع لا يضمُّ سواها.. حيثُ مددْتَ حُبّكَ لها في ضوءٍ زمرّديِّ الرذاذ.. ثَقبَتْها نظرتُك الحادّة.. استَخرَجَتْ أكوانَها، فجاءتَ تحْبو حبْوَ العاجِزين، وتَلـقّـفْتَها حابِيٍا.. وطِرْتُما معًا....




زينب...

 

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس