....
...
..
.
لم تكنْ خطواتك نحوي مفاجئة، فقلبي انتظركَ عند بوابةِ (جسر المقطع) المُفضِيَة إلى عاصمة البِنايات العشوائية (أبوظبي) هناكَ أمامَ المَساحةِ الكبيرة جدًّا التي تفصلني عن بابِ المكتب.. كنتَ واقِفًا وأنا أتبعُ نسيمَ أنفاسِكَ نحوي، نعم كنتُ واقِفةً أمامَ مِنضدَةِ تحضير (الشاي والقهوة) وكانَ زملائي قد جلسوا حولَ الطاولةِ حتى أكمِلَ تحضيرَ الشاي لهم، الوقتُ مُتأخِّرُ في ذلك العصر، الساعةُ تشيرُ إلى الخامسة والعشر تقريبا.. جميعُ الموظفين الرسميين ذهَبوا، وبقينا نحنُ شِرذِمَةُ الكُتّابِ والشّعراء، نتَباحَثُ في أمورِ دنْيانا الفوضوية، نُكمِلُ ساعاتِ العَملِ لأنّنا أتيْنا متأخرينَ في الصباحِ كالعَادَةِ، وكانت زيارتُك مفعمةً كعادتِها الرائعة، لم تَتوجّه إلي بأيةِ نظرة، فقط عُدْتُ أنا إلى ضيْفتي في مكتَبي لنَتباحَثَ في أمورِ العَملِ التي قَصَدتْني من أجلها، هناكَ التفّتِ السّاعاتُ ببطءٍ شديد، لأنّها تَعلَمُ أنّنا سنَلتَقي بعدَ انْقِضائِها .. ونُبحِرُ في عالَمِ آخَرَ لا يَعنينا بعدَهُ عالمُ البَشَر.. حانَت اللّحظة.. سبَقْـتُـك إلى مسْرَبِ الحُرية، وعَقِـبْتَـني بلَهفتِك المَخبوءة دائما، شرارُ عينيْكَ يُرهِقُ استيعابي.. العالمُ هُنا جميييييييييييييل.. والهواءُ عليل ، على رَصيفِ (ميناء زايد).. الله.. ما أجملَ تلكَ الفوانيسُ الخافِتةُ من بعيد.. وما أهْدَأَ (الدكاكين) الكثيرةَ المُتراصّةَ بمَفروشاتها وسياكِلها وعباءاتِها.. هناكَ خلفَ مقهى ( كاستيلّو) والسفائِنُ أرْختْ رِحالها.. وشَدّتْ التِصاقَها بإسْمنتِ الميناء.. كلُّ شيءٍ يبعثُ للرّاحة، حتّى وجوهُ المارّةِ الفَضوليين، حتىّ أضواءِ دورياتِ الشّرطَةِ المُزعِجة، كانتْ جميعُها تُثيرُ الرّضا .. لأنّنا سوِيّا.. نَحلُمُ بالإبحارِ بعيدًا على زورقٍ صغيرِ، يَحمِلُنا منْ ميناءِ طنجة الصغير إلى سواحل (الأندلس) !!.. يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااي.. صرخْتُ وانا أتَشبّثُ بيديْكَ.. "خلينا نروح ها الصيف للمغرب، ولو علي.. بطلع سباحة من طنجة للأندلس".. " اسمها اسبانيا يا بنتي".. وضِحكتُك المُتَعقِّـلةُ تشعرني بطفولتي العارِمَةِ أمامك..
- لحظة حياتي.. اسمعي ها الأغنية
- أنا بستغرب عليه.. من أول ثانية شفني. بعنيه لتنين خطفني .. أول حب يصادفني.. معرفش حصلو إيه.....
- الله............
- أحب إليسا وايد / بس أحبك انت أكثر منها..
وهُنا غفا الحلُمُ على كَتِفِ الأمان.. في رِحلةِ مع الأنغام..
- حبيبي نفسي أحضر حفل غنائي لإليسا في مسرح.. بيكون روعة، عشان نطير سوا معاها.. ولا شيرين أو فضل شاكر... يااااااه
- بنسوي كل شي حبيبي تبينه.. انت بس كوني فرحانة ومرتاحة
تبِعتْنَا أضواءُ المدينةِ إلى حيثُ رحَلَتْ أحلامُنا الصغيرة.. ودارتْ الأفلاكُ حولَنا، لغةُ أعيُنِنا أيقظتْ المَساءَ الدّاكن وطِرْنا كفَراشاتِ الليلِ المُضيئَةِ، حيثُ لا مكانَ إلا نحن....
.
..
...
....
زينب......