هنا بعض من بحث كنت قد كتبته عن النرجس والتفريق بين انواعه والحقول الدلالية والإشتقاقية للمفردة
وفي مساحة الطيبة لحظة سأنشر مقطعا صغيرا من البحث يتناول (الغمرات) التي يدخل فيها الورس والزعفران والعصفر
وهي كما لايخفى عليكم من النباتات التي تنحاز في لونها إلى الاصفر.
كيف كان في وسع النساء التوصل بالشقرة القانية التي تمتد من حدقات العين إلى ما حولها.؟
تذكر كتب التراث في مادة (غمر) الغمرة، وهي طلاء للوجه من أجل صفائه ونقائه وبياضه.
فلقد أورد ابن دريد في جمهرته: الغمرة طلاء من زعفران ونحوه تطلي به المرأة وجهها ليصفو لونها.
وذكر ابن منظور غمرة الورس فلقد: نبت أصفر يكون في اليمن تُتخذ منه الغمرةُ للوجهِ، وهي ذات الرواية التي أوردها صاحب الجمهرة في قوله بموضع ثانٍ عن الغمرة إنها: ورسٌ وأشياء من طيب تطليه المرأة على وجهها لتحسن لونها به.
وهناك غمرة الكركم، للغرض ذاته، ويميز ابن منظور بينهُ وبينه، الورس، ويذكر ابن البيطار مرهماً يُتخذ منه (ليحدّ البصر ويُذهب البياض من العين)
وهذه الغمرات والمراهم الزعفرانية تمنح الوجه صفاءً وبياضاً يميلُ إلى الشقرة والصفرة الناصعة وانتشر بين الجواري والإماء ومن هنا أجد أن تشبيه المحاجر بالنرجس يصبح أكثر وضوحاً عندما يقوم مع بياض العين مقام بتلات زهرة النرجس بتدرّجها اللوني وليس أوراقها كما ذهب إلى ذلك بعض ممن تناولوا التشبيه , لأن أوراق النرجس خضراء سيفيّة الشكل أما بتلاته فبيضاء تحيطُ ببوق كأسي أصفر يمثل الحدقة.
إن تشبيه العيون بالنرجس والعكس، كان مقتصراً في أحوالٍ كثيرة إن لم يكن دائماً على الجواري والأماء من فارس وبلاد ما وراء النهر والروميات لأن اصفرار الحدقة وإخضرار إنسان العين وجسمها (بؤبؤها) ونصاعة البشرة مما ليس شائعاً أو معروفاً بين نساءِ العرب.
ولا يمكن لنا أن ننسب التشبيه في هذا البيت إلى امرأةٍ عربية
محاجرها بيضٌ وأحداقها صفرٌ
وأجسامها خضرٌ وأنفاسها عطرُ