" على قدر حلمك ، تتسع الأرض "
جملةٌ قرأتها بين ركام الأشياء الملقاة على مكتبه المكتظ بالتفاصيل التي لا تعنيني ربما ،
وحدها تلك الجملة التي لا أدر إلى أي كونٍ أخذتني . عدت إلى نفسي قليلاً ، حاولت أن
أقيس البون الشاسع بين حلمي ومقدار رحابة الأرض لي ، وجدت بأن حلمي بمقاس ثيابي
تماماً ، لا هي فضفاضة تتسع كائن أخر معي ، ولا هي ضيقة لا تسعني ، أما الأرض لم
أجد مقياساً حقيقياً لرحابتها حتى لو قارنتها بالحلم ذاته .
على أي احتمال :
- أنا أتنفس .
تلك الأفكار كانت تلاحقني حتى وصلت إلى غرفتي سريعاً وبهلع غريب ، كنت أخشى أن
تصطادني بطريقة لا أحبها وفي نفس الوقت كُنت سعيدة لذلك ، ترى هل كانت تلك الأفكار
عظيمة إلى هذا الحد لـتراودني وأنا أمشي ، "أمشي" بالذات .
حلمي لا يتعدى حدود أن أستبق المستقبل الذي لا اعرف منه شيئاً سوى أنه صندوقٌ
من الأماني بسيطة التركيب ستتحق في يوم ما ، وكوابيسٌ غيبية النوع مؤكد بأنني سأخضع
لسطوتها رغماً عني وعن إيماني بقوتي ، سأعيشها وأفيق منها كـ غريب للتو خرج من المدينة .
الكتب التي حملتها اليوم كانت ثقيلة جداً ، إلا أنها لم تكن أثقل من صراع الرحابة والحلم في داخلي ،
أشعربأن كائنا غريباً ينهش رأسي ، وثرثرة لاسعة تصطف على شفتاي ، لكنني لا أجد من يفهمني
في هذه اللحظة الحاسمة من الحلم بالذات . رحت أبحث عن هاتفي بين تكوم الأشياء في الحقيبة
عل حلماً جديداً ينتظرني ، يفتح أرضي المغلقة على فراغ ، وجدته بلا (إشعارات جديدة ) حتى تلك
التي اعتدتها في ذاك الوقت .
لا شيء يداوي خيبات أملنا ويزيدها سوءاً كالنوافذ ، فتحتها قليلا ، ليتسنى لي سماع صوت
الطائرات الذي أحبه ، وعمال النظافة وهم يتشاجرون في الأسفل ، ترى هل يحلم هؤلاء؟ ،
هل يتشاجرون حسب مبدأ ( ضاقت عليك )؟ كما غنتها نوال الكويتيه بالطريقة التي تطربني ،
في هذه اللحظة المشوشه بالذات ، تحلو لي الكتابة ، كما أن آلام أطرافي المفاجىء دليل جيد
على أنني سأكتب شيئاً :
" إن إحساسنا بالغربة لا يعني أننا غير قادرين على الحلم ، ورحابة الأرض لا تعني أننا
حالمون بالطريقة التي تجعلنا نسافر وقوفاً .. ويحدث أن ننتظر حلماً كـ الحب ، بالرغم من
أن الحب لا يُرتقب ، وكم هو (جميل) أن يباغتنا فجأة وبدون أي اعتبارات سابقة أو قناعات عتيقة .
* التوقيع : متسعٌ للحلم "
نهضت وألقيت نظرة خاطفة على ما كتبته ، ليس لأنني من أولئك الذين يجيدون تنقيح ما
يكتبون برتابة ، بل لأنني خشيت أن أنسى روحي وبعض أحاسيسي الخاصة التي لا أتمنى
أن يفهمها أحداً غيره "
- تم تسليم الرسالة .