صباحي تراكمات غرابة !
قبل زمن من الآن , كنتُ أراقب عن بعد أديبة شابة تكتب بشكل جميل ولافت .
لفتتني طريقتها الخاصة في الكتابة , برغم أنها معقدة وتبلغ من التعقيد حد الطلسمة أحياناً , إلا أن الغموض الذي يلف ماتكتبه أعتبره مقبولاً ويعطي بعضاً من الجاذبية لنصوصها المطروحة .
بعد فترة من متابعتها اتضح لي أنها ممن يريدون تكليف اللغة فوق احتمالها لتُسبل على أسلوبها طابع الإختلاف والتميز .. !
الأمر الذي زاد من غرابتي , فلمَ يفعلها كاتب إذا كان مُقتدراً أدبياً على طرح فكرتة في قالبها المُبسط وبشكل مدهش ! مع العلم بأن تلك الأديبة ليست في حاجةٍ لذلك إطلاقاً ..
في الآونة الأخيرة , مررت بأكثر من نموذج يتخذ ذات المنهج , والجدير بالذكر أن البعض يبالغ في الطرح حتى يضيع لب الفكرة تماماً ويصبح النص لايتجاوز حفلة مصغرة للسفططة ..
السؤال الآن , هل هذا - الأمر الذي بدأ تفشيه مؤخراً - يندرج تحت مسمى الحداثة ...؟
هل تعني الحداثة رصف مالا يُفهم , وحشو النص بأكثر من كلمة لاتمتُ لسياقه بصلة ؟؟!
هل هو نهج ذي قوانين , أم فضفاض للكاتبِ فيه حريّة اختيار المعنى المناسب الذي يراه للمصطلح المذكور ..؟
حقيقةً , لا أريد القول بأني أتحاشى تلك المتصفحات غروراً , لكني أحاول فوراً إغلاق متصفحٍ من " إياّهم " لئلا تنتابني حماقة الشقيقة مجدداً , وأصابع الإتهام للعدد المهول من الكلمات المتقاطعة ..
أعود وأقول , الكتابة أولاً وأخيراً ثقافةٌ فطريّة , هي ليست في متناول الجميع .
مايعني بأن مالكيها لابد وأن يُولوها رعايةً خاصة , كي يُثمر القلم وتُؤْتَى أُكله .
ومن حُرم منها فليس بخطأٍ أبداً أن يلحق بالرّكب مادامت الرغبة في ذلك موجودة سلفاً بمعيّةِ فكرٍ وتدبرٍ عميقين .إنما
ليس بعجلةٍ -للقب- تجعل من العثرات المتوالية مشهداً كوميدياً كبيراً لأديب " عالماشي " ..
همسة :
الأديب الحقيقي , لا تهمه المُسميات بقدرِ مايهتم لمادته المطروحه , ومن هنا جاءت التسمية .
هو قادرٌ في الحفاظ على مساحةٍ كافيةٍ لممارسةِ التّأدّب مع مُتلقيه واحترام عقليته ..
أما
أدباء " جُر إيدك "
فهم مَن يستغفلون المُتلقي بمادةٍ لا تحتاج للمحاباة والتصفيق بقدرِ حاجتها الماسّة لسوطٍ يعيد تقويمها ,
ويُسقط النياشين على أكتاف مُستحقيها ..
وصباحكم , أدب 