اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة روح مذبوحة
أينَ الشتاءُ الذِي أوهمونِي بأنّه سيحِيل صحرائِي إلى جنةً مقلّمةً بأنواعٍ من الحياةِ و الفرحِ ! لا زالتْ أطرافِي تتعرقُ منْ حرارةِ أحداثِ حياتِي و تنْصَهر ، و فِي أحيانٍ أخرى تجفّ و هِي تلهثُ داعيةً ربّ السماواتِ بغيثٍ يسقِيها ، بمطرٍ ينجيهَا ، و بأناسٍ تناجيها ! ألا يصدقونَ حينَ يثرثرونْ بأنّ الشتاءْ يجمّد أطرافَ البعضْ مما يجعلهمْ أكثرْ قابليَة للاقترابْ من الآخرينْ و استسقاءِ بعضِ دفءِ الحياةْ الذِي يحملونه !
ألا يصدقونْ يا عائِشة بأنّ الأرواح تتجمدْ شتاءً و تنصهرْ صيفاً لترَى الحياةْ و تزهرْ ؟ ألا يصدقونْ بأنّ المعاطفْ التِي خُبِّأتْ منذُ أعوامٍ لمْ يحلْ فيها الشتاءُ على الدنيا لنْ يكونَ لها فائِدة !! فالبردُ لا محالة سيدخُل عبرَ أنسجتها التِي فتكتْ بها الحرارَة التِي لاكتها في صندوقْ ينتظرْ فتنتظر هِي الأخرى قربَ الشتاءْ لتخرج !
عائشة ، كيفَ يأتي الشتاءْ و نحنُ لا نملكُ المناعاتْ التِي تبعدُ الأمراضْ و الأشرارَ عنّا !
كيفَ نحيا الحياة و نحنُ لا نملكُ صوتاً يسيرُ بنا نحوَ الأفضلْ !
كيفَ لنا أن نبتسمْ و نحنُ نعلمُ بأنّ الشتاءْ "قارصٌ ماهرٌ" يفتكُ بجلودنا ، و قاسٍ متمكنْ لا ينجِي و لا يُغيثْ ! كيفَ ننامُ الليلَ و نحنُ نتقلبُ على بطوننا من شدّة البردْ ، و ننظرْ خفيةً إلى المساحَة الفارغَة من السريرْ ! فينتَثرْ غُبارْ الأسئلة .... ألنْ يسكنُ هذا السريرَ أحدٌ معِي ! ألنْ تأتينِي أمي لتدفءَ أطرافِي ! ألن تمسحْ جدتِي التِي حبسها قبرها على رأسِي لأنامَ بهدوءْ ! ألنْ تدخلْ فيه أختِي التِي تركتْ منزلنَا منذُ أعوامْ لتبادرنِي أخوةٍ اقتسمناها معاً منذُ أنْ سقطتُ أنا منْ بطنِ أمِي !
عائِشة ، كيفَ للشتاءْ أن يأتِي و هناكَ أطفالٌ تصطكُ أسنانهمْ برداً ، و لا يجدون ما يتدثرونْ به !!! كيفَ للشتاءْ أن يتحملْ منظرَ الهمْ ! كيفْ له أن يحرمَ الناسْ من لونِ الطبيعَة ! كيفَ له أن يحوّل الحياة إلى مكان باردْ ، يخلو من معالمِ الحياة !
أخبريهْ ألا يأتِي هذا العامْ ، أخبريهْ بأنّ الجميعْ لن يحتمله !
أخبريهْ كيْ نتخلصْ من التوجعْ في لياليه الطويلة !
أخبريهْ ، فلن تكفينا المدفأة و لا الأحطابُ و لا الملابسْ الثقيلة .
|
ما أحتاجه من هذا الشتاء يا روح
أن يمر سريعاً ،،
دون أن أفتقد أحداً ما .. وأتذكر هذا الفقد كثيراً ..
دون أن أودعه .. وهو يضع في يدي روحه ويغلق قبضتي عليها ..
حتى لا يصيبها البرد
في بلد تمتهن البرد ..
بطريقة أشد قسوة ..
من بردنا الفصلي هذا