كِدت أنسى ...
و قبل أن أنسى ...
هاكم بعضاً مما حكاه التاريخ السحيق عن [ مثلث اللعنة التاريخي ] الحية - المرأة - الشيطان ...
يقول فراس سواح في كتابه [ لغز عشتار ] في الفصل الذي يخصصه حول الثعبان و تحت عنوان " عشتار الأفعى " ص 135 :
" - الإنسان ربط قديماً بين الحية و الخلود ، لأنها تتجدد باستمرار و لهذا تم الربط بينها و القمر و المرأة في دورتها الشهرية ، فكلٌ منها في تغير و تحول و لذلك أُلِّهَتِ الحية حيث كانت رمزاً للإلهة القمرية منذ الأزمنة السحيقة و نتيجةً لذلك رُبط بين المرأة و الأفعى ، فالمرأة أصل الأفعى و الأفعى كانت امرأة .
- و ما يؤكد ذلك تزين المرأة بالأفاعي أو تميزها بها - فالنساء الجورجونات في الميثولوجيا الإغريقية تنطلق الأفاعي من رؤوسهن بدل الشعر و هكذا كانت الميدوزا .
- علاقة الحية بالفردوس هي علاقة خلود فالفردوس خالد و الحية تتجدد فالحية هي روح الطبيعة التي تطلب من المرأة أن تبقى لصيقةً بها و لا تنصاع لشرائع الذكر الذي بدأ الانفصال عن الطبيعة ، و قد سقطت شرائع الذكر أمام إصرار المرأة على الوفاء للطبيعة ، فتُصغي لنداء عشتار الذي تهمس به الحية و تأكل من الثمرة المحرمة متحديةً شرائع الذكر ..... " انتهى .
و يضيف المفكر إبراهيم محمود في كتابه الممتع " الضلع الأعوج " ما نصه ص 99 :
" الاثنتان آثمتان : الحية في إغراء المرأة و هذه في إغراء آدم ، و هما بذلك تعبران عن وحدة معنىً تآمرية - كما يبدو - على آدم لإخراجه من الجنة ، في كل ذلك تتجاوب أصداء التاريخ العميق الغور من أيام [ جلجامش ] ، إذ حُرم من الخلود ، مع أصداء التاريخ التوراتي ، إذ تتعقد بنية التاريخ في أحداثه من خلال وحدة صف المرأة / الحية ضد آدم / الرجل ، و لعل معاقبة الحية بإدخال أرجلها في بطنها تعبيرٌ دالٌ يشير المرأة الدابة ( التي تدب على الأرض ) و تبقى الحية تنساب و تزحف على الأرض و هكذا تتلاقى الصورتان في صورةٍ واحدة "
و يضيف في موضعٍ آخر ص 101 :
" و إذا كانت المرأة متمثلةً في أمها [ حواء ] المرأة الأولى ، هي التي أغرت آدم ، و أخرجته من الجنة الأبدية وفق ما جاء في النص التوراتي .... ، بتأثيرٍ من الحية / الشيطان فهذا يعني تطابقها مع الشيطان ، و بذلك يتضح لنا البُعد الكارثي في هذا الثالوث الرجيم الوجه [ المرأة - الشيطان - الحية ] ...
إنه ثالوثٌ يختزن العنف و يوزعه هنا و هناك ليمارس تدميراً في الأشياء حين يُراد لها أن تنتظم ... " انتهى .