الوقت يمر ،، يفلت منك دون أن تلتقطه ،، دون أن تستثمره وتزرع فيه شيئا يبقى ،،
مع ظل طويل يتحرك بثقل كأنما يخوض وحلا طريا ،،
يمشي كفيل عجوز يخشى أن يرتطم بشئ ،،
كحلم كفيف ولد في بلا بلا ضوء قمر ،،
حيث انطفأ النور من عينيه مثل انطفاء القناديل في مدينة تستعد للنوم ،،
انتهى به في دار لأيتام ناقمة مغروسا كوتد في مكان توقف فيه الزمن ،،
مساحته مثل قبر ضيق لا يتسع سوى لجثة واحدة ،،
أصبح الظلام يمضي معه أينما حل كظله يلتصق به ويقنع وجهه ،،
نهض ذلك الجمل فجأة وهز سنامه فأسقط كل ما حمل ،، أو كأنه فتح عينيه كمريض خضع للتخدير ثم أفاق ،، انهارت قوائمه مثل معدن تآكل بفعل مادة مؤكسدة ،، مسرحا للأحزان يعاني ضجرا كفلاح يغني في الظلام لنفسه ،، ينشر البحر بمنشار ويقص الهواء وينفخه ليتكور أمامه سؤال كنون النسوة : متى ؟! ،،
يتحدث بقلب مشقوق تئز منه المرارة ،، تعب كنخلة هرمة ،، نبراته حزينة يتحداها الأسى ،، بعيدا كل البعد عما يجري في الكون كحصان مدفون في الثلج أو كشجر واقفة لا ورق فيه ،، كأنه دخانا يخاطب فضاء ،، يقاتل على جبهة عرضها كلون وجه الفراغ ،، يعيش كسجين برئ ،، يمارس بمجانية لعبة التخيل ،، يتسلق الأشجار وينظر للضفة الأخرى ،،
* * *
" البرودة ترياق للقلق حين يتفاقم " ،،
في أجواء ثقافة الاستئصال يتلاشى شعار انتخاب شعار وحيد بزيّ موحد في هستيريا المشاهد الملاحقة لكل فعل ومع كل ردة فعل ،، كالكتاب لنفسية مدمرة ما لها وما عليها ،، بأمانة البحث وتجرد المؤرخ ،، فليس الجنون هو الجنون وحده ،، أكاد أجزم أن تكون هناك طوابير من الأدمغة قد شربت من النهر الراكد ،، نهر الصمت ،،
" أشنق العتبة وأعلق الباب " ،،
دق صدام المسامير على رؤوس الأشهاد ،،
ووقـّع الامتعاض كدوي انفجار عبوة ناسفة ،،
فكيف تستطيع أن تردم " نصف " حفرة ؟! ،،
والنصف الآخر مشهد اختبأ في رسالة ،، وغاب اللقاء ،،
أنهيت قراءة الرسالة وأعدتها أخرى ،، محاولا لملمة حفنة الضوء في الفراغات ما بين الحروف ،، فكيف تتمرد الطيور على أقفاصها ؟! ،، بسيطة كلثغة أجنحتها ،، أصواتها ترتقي كذلك الرشوش من العذب يلامس كل ما يحيط ،، فينتشي برائحة نعناع خجولة أكبر من حديقة ،، ماسة تخدش بها زجاج الذاكرة ،، تقبل الوجدان تحت قوس الأشواق المتبادلة ،، يتلاشى ذلك الإحساس القادم من بلاد الثلج ،، يتقاطر الندى دون أن يتعثر اللسان في طهو الكلام ،، مراسيل الضوء الغافل : مهما كانت سماكة الأقفاص ستطير الأيام إلى حلمها البعيد حيث قلب السماء ،، تزرع غيمة عطر يتساقط رحيقها على الطرقات وينتشر على حقول المسافات ،،
يضم جدارا للشريط الحدودي الخاص بطفولته وينهي مسائه في كهف مقفل حيث تقبض عليه الوحشة بتهمة العبث بالمرافق العامة ،، ليستمع إلى الصمت بعد أن قطع صلته به عصور التيه في عنبر الحياة ،، حتى يتبعه كبريء متهم بشكوى لا يقصدها ،، إن تحدثت القاضية لأفشت عن طواحين هواء في فصل الريح تضم بعضها بحزن كسول ،، كضوء ضئيل يتسلل إلى القلب بلا أفق ،، يتقدم بخطوات ثقيلة ساحبا أطرافه المتيبسة التي فقدت صلتها به بعد أن أحالته إلى نخالة طيف ،، لون نافر على الجدار الأبيض ،، وأوه يا مال ،،
كحبة مطر نسيت ترتيب الفصول هبطت على كتفي كابتسامة ساخرة في وجه الألم ،،
لحنا كان ميتا فعاش ،، كان ضالا فأوجد ،، سخر له من يرعاه ويحمله على متن غمامة بلون الفجر ،،
حلما مكتملة أشراطه ،، مرافئ ،، مفازات ومنارات ،، نقطة تقاطع وحيدة إلى جسور العمر الجديد ،، يهبط بك إلى سفوح الوجدان ،، لكم فيها ما سألتم ،، مشاعر تغرق روايتها في بحيرة التأويل ثم تكتشف أنك غادرت دون أن يمس ثوبك البلل ،، في حين أطرافك تتقاطر مع الندى ،، كالبسمة تسقط فيها الشموس ،، كالضحكة وهي تحمل مشروبا من الورد المصفى ،، صوته كهدنة مؤقتة ،، يتدفق كشلال هادئ يفتت صخور الكآبة ،، يستخرج مع كل حرف مخزون النشوة والمتعة ويحرك الشجن ،، فارفع شعارك بقدر ما استطعت ،،
* * *
والوقت أصيلا من النهار أو مطلعا للفجر ،، لا أدري ،،
سكون وانطفاء وهج أو قبل الاشتعال ،، تأمل وهدوء ،، مرحلة البين بين ،،
بينما تبتعد عن الضوء مسافة يقطعها من الألم والأسى ،،
هذه الفجوة جاءت وسدت الثغرة ،، بمعنى أنها اهدار توقيت غالي القيمة ،، معركة بلا راية تتمزق ،، تصطلي في الظل المبهر وليس تحت أنقاض الأشعة السينية والتساؤلات ،،
وأغنية تهرول خلفها كطفل ،، رهيف الإحساس دائما ،، يخفق شيئا في داخلك كما تهتز زهرة لعبث فراشة ،، تتلذذ بالحياة كما هي لا كما يجب أن تكون ،، بدراسة كاملة محاولا استشعار اللامرئي خلف المرآة ،، حتى لا ينتهي كتائه يحصد الدرجات وحيدا من غير مفتاح ،،
تقول أشجان هندي :
" ،،،،،،،
للفراشات أجنحة ،، ليس لي مثلها ،،
ملونة ،،
ليس لي مثلها ،،
شفافة ،،
ليس لي مثلها ،،
الفراشة ،، قد عوّدوها ذووها على الطيران ،،
فطارت على صحوة الزعفران ،،
وحطت على جسد الورد ،،
وما عودوني على الحبو ،،
إلا على غفلة الحرس النائمين ،،
على ثلج قيدي ،،
الفراشة تنسج دفء علاقاتها بالزهور ،،
وأنسج بردي ،،
العلاقات علّقتها – في الخفاء –
على خوف الظنون ،،
فجرحت خدي ،،
الفراشة ،، ما خبأت سرها ،،
للفراشة أصحابها ،،
ليس لي مثلها ،،
ولها زوج أجنحة ،،
ليت لي مثلها ،،
،،،،،،،،،،،،،،،، "