[بدر الحربي]

.
.
.



[....]

صدق الرسول الكريم حين قال: (السفر قطعة من العذاب....)..
نطقت شفتاه هذه العبارة وهو يتأمل وجهه الشاحب في مرآة جانبية صغيرة أكل الدهر نصف لمعانها..
تناول حقيبته المثقلة بروائح المطارات وأنفاس البراكين الغاضبة من جنس الإنسان..
أخرج منها محفظة بنية اللون تطل من بين طياتها صورة أنثى محجبة..
تنهد باسماً بإنكسار وكتب:
كما أنتِ لم يتغير فيك شيء:
شموخ.. رقة.. عينان بسحر لا ينتهي..
كل شيء أبهته طول الغربة والسفر
إلا: حنيني وصورتك..!
إليك أكتب بعد عودة يتلوها غياب فعودة فغياب..
أكتب متدثراً بجلباب من عذاب..
ينسل من جيوبه شوق واحتياج..
أكتب بيدٍ فقدت احساسها وهي تسافر بين الحفر..
أكتب بعقلٍ أعياه هاجس ملعون يراوده قبل الرقاد
ويعوده حين تتبسم له الحياة: ينتظركما ذاك القبر..!
أكتب ببقايا حبر اعتاد على انحناءات حروف اسمك
وهو ينقشها حباً ولهواً وعشقاً وغروراً..!

انحنى بظهره على كرسيٍ تصلبت مفاصله من طول الغياب..
تمازجت طقطقة مفاصله بأنفاس ساخنة عانقت سقف الغرفة..
يااااه.. كم مر من يوم.. من شهر.. من سنة..
من لحظات.. من دمعات.. من ليلات.. وويلات!
من أمنيات.. تسافر بين مدنٍ.. تسكن عينيك..
تسافر..
حيث اسكن أنا.. وتسكن أمي.. وأنتِ فقط..!
........
......