** مواجهة مع الظلام
على قاب قوسين أو أدنى - أنا - من عبور محابري إلى مدن الخيال ..
على كتف السكون أبعثر في أريحتي ترنيمة للراحة .. وأستشيط خمولا ..
ذكريات تماطلني في الحضور .. وبعد سجال قارص بالتأفف تلوح على واجهة رأسي واجمة ..
كان المساء يبعثر خصال من ظلمته على قفير لا تلحظ العيون في طياته إبهام للمحسوس ..
كدأبنا دوما .. نلوذ إلى القفار فرارا لنحتمي بأصالة تتفسخ في صدورنا ..
رحلة جماعية , ووجوه تنبت الفرح على روابي الحميمية ..
جلسنا في العراء .. تسامرنا ضحكنا .. وإلتفاتتي لا تكف عن التحديق في ذلك المبهم ..
في الليل البهيم أحاول أن أسبر غور الماكث هناك سودآ بكل ثقلهِ ..
اقترحت إحدى صديقاتي بأن نجدد الدماء في عروقنا المتصلبة .. بالسير على أرض مجاورة تجانب حضورنا ..
ابتلعت ريقي .. وتعذرت بجرح ينخر قدمي ..
ولكنها أصرت - وودتُ لو أنني أزحت عنادها من فرائص شراييني المرتعدة فرقا , ربما ..بلطمة تزجرها : كُفَي .. إني خائفة ..
وتماسكت .. وصلبت قامة ترتعش في عروقها القشعريرة .. أمسكت بيد صديقتي الأخرى ومشينا ..
وعندما .. وصلنا لأطراف الظلام توقفتُ .. شعرتُ أن عظامي لن تتحرك قيد أُنملة ..
الأشجار المهمة .. وبحور من المجهول تستفز وعيي .. وتستنفر بقايا صمودي
كم أكره ذلك المجهول المتوشح بقتامة تنهش جلدي ..
قالت صديقتي ترمقني بتشكك : هل لديك مشكلة ..هل تخافين من الظلام ؟
نظرت إليها مصعوقة , قلت بتلعثم : ماذا .. ماذا قلتِ للتو ؟
- الخوف المرضي من الظلام .. هل تعانين من مشكلة مماثلة ..
يا إلهي .. كيف تجلت لديها هذه القناعة , قلت من فوري لاهثة : لا .. بالطبع لا .. ولكنني ..
وصمت .. فألحت صديقتي الأخرى على المتابعة , سألت باهتمام : ولكنكِ ماذا ..؟
اقتربت الحقيقة من حنجرتي بغصة قاتلة , شعرتُ بالدموع تتجمع في عيني .. قلت بصوت متحشرج ..
- ولكني .. كلما أُحطت بالظلام .. تذكرت ظلمة القبر وعذابه ..
وأسرعت قافلة إلى مكاننا .. وكأن العالم بكل صخبه قد غُيب عن كل حواسي .. أو هكذا أنا تخيلت ..
تحيتي