منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رسـائِــلْ ... ( .. ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ .. )
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2010, 10:55 PM   #3
محمد القواسمي
( كاتب )

افتراضي


ربمـا ستّة شهورٍ أو يزيدْ ،
ليسَ مهماً الوقتُ التي تقتضيهِ الاوجاعُ بالخفوتِ إنمـا الوقتُ الواجبِ إنتظارهِ لإستنطاقِ القلمْ ،
هكذا بدأت حكاية الكتابة منذ الانسان الاول ، فقد انتظر عقوداً كثيرةً قبيلَ التجرؤِ على رسمِ خربشتهِ الاولى ،
والتي في الغالبِ كانتْ رسوماً لألدّ أعدائه . فليسَ غريباً أن يستفزنـي قلمٌ وتغرينـي ورقة كي أكتبَ - ولو خربشةً - كتابتـي الاولى ،
ولكي أكونَ صريحاً أيضاً ، فإن عدّة أسبابٍ ومؤامراتٍ رتّبت ومهدّت لهذا النزف من بعدِ فترةِ عبوديّة للوجعْ .


لأنني من محبـي التفاصيلِ الصغيرة في كلّ شيء
دائماً ما أجدُ صعوبةً في ترويضِ الأحداثِ من حولي ،
فالإحاطة بالأحداثِ الصغيرة دونَ النظرِ الى ظلالهـا وآثارهـا المواربة تغيظنـي حدّ القلقْ ،
وتخيفنـي حدّ الإرتجافِ أيضاً ، والامرُ دوماً يقفُ على حدّ اللامبالاة أو حدّ الإمعانِ في الإهتمام ،
لذا فإن كانَ أمراً يهمّنـي كثيراً أو لا يهمّ البتّة فردةُ الفعلِ واحدة لديّ : التفاصيلُ الصغيرة.

ولأننـي - كما أسلفتُ - ممعناً في التفاصيلِ حتّى لا أكادُ أرى أيّ شيءٍ آخرْ ،
أتعبتنـي في الدنيا دقّاتُ عقربِ الثوانيْ ،
ولستُ مهمتاً - نهائياً - بدخولنـا منذ أيام عاماً آخرْ ، وأقولُ دوماً كما يقولُ أهلُ النارْ ( فإسأل العادّينْ ) .


وتبدأُ القصّة :


(لنْ أرحلْ) 3/8/1999
" طوالَ سبعةَ عشرَ عاماً "
هكذا كُتبَ على الدفترِِ القديمْ ، /

(لكـي لا أعودْ) 1999
قصيدةٌ أخرى ، او ربما تكون خربشاتْ

....


لا أعرفُ السببَ الحقيقيّ وراءَ إمساكي بهذا الدفتر عن سائرِ ما تحتويهِ الحقيبة ( حقيبة التاريخِ لديّ ) !
هناكَ ما يقاربُ عشرونَ هديّة من أناسٍ كثر ، ولأعيادِ ميلادٍ متفرقة ،
وهناك مثلُها من الكتبِ الموقعّة من شعرائهـا أو قاصّيهـا وهناكَ صورُ وتذكارات من رحلاتِ دمشقِ والقاهرة ،
وهناكَ طبعاً أشلاءُ ياسمينْ ، وأجملُ ما في العمرِ في عصرِ نائيةٍ وعائدة.
ولكنْ ،
ما همّنـي غيرَ الدفترِ الموشحِ بكلماتْ ( اشترى هذا الدفتر أبي في أول أيام الثانوية العامّة ) بلغتها الركيكة البريئة ، أو لنقلْ بلغتها المناسبة لزمنـها .

سبعةَ عشرَ عاماً ،
كنتُ غضّاً وبريئاً من أيّ قصّة ( حيثُ ياسمين لم تأتِ قبيلَ التاسعة عشرْ ) وكنتُ يافعاً قدرَ أنّ الوجعَ آنذاكْ لم يتجاوزْ رحيلَ أمي عنّـا !!!
للقصصِ الموجعة ثغراتٌ غريبة ، وتفاصيلُها أقربُ للنسجِ والتأليفِ منها للحقيقة ،
ويكادُ المتصفحِ للرواياتِ الموجعة او الكتاباتِ السوداوية أن يؤمنَ تمامَ الإيمانِ بكذبِ الوقائعِ أو غشّ الكاتبْ ليستعطفَ القارئ ويجذبهُ نحوَ هاويةِ السوادْ والحزنْ ، كـ "الإيمو".

أعودُ إلى الدفترِِ المسكينْ ،
كانَ معروضاً بينَ إخوانهِ من الدفاترِ التي يعلمُ الله أينَ مآلها الآن ،
مستبشراً بيدٍ تلتقطهُ وتخطّ به شيئاً جميلَ الوقعْ ،
في الحقيقةِ الدفاترُ والقراطيس لها حيائهـا الخاص ، ولها طريقتها بالتعاملِ مع الحبر المسكوبِ ،
وليسَ غريباً على ورقةٍ ما الحملْ ، وريما في حالةِ دفتري كان الحملُ حملاً ضعيفاً فأسقطَ الحزنَ ناقصاً من كلّ شيءْ
وأسقطنـي ماءَ رحمٍ كاملَ الوجعِ ، والزيادة .


3/8/1999 - 21/5/2000
عمرُ دفترٍ للكتابة ، أما عمرهُ الافتراضيّ فكانَ مكتوباً كملاحظةٍ عليه ( لن أفرّط في هذا الدفتر ما حييتْ )
ليتَ فيهِ فرحاً بقدرِ الحزنْ ، أو أنْ ليتَ فيه ما في الأرضِ من فرحٍ وحزنْ ، خليطَ مشاعرٍ ومواقفْ ،


19/1/2010
سأخبركَ أيها الدفترُ الشقيّ أسراراً ، فإحفظها :
مرّت سنيناً عشرْ ،
كنتَ طوالَ عمريَ المقصوصِ أجملُها رغمَ حزنكْ ،
وأنـا ،
ما عدتُ كلاسيكيَّ المنهجِ من بعدكْ ،
فالكتابةُ ما تجاوزتْ ضرباتٍ موسيقيّةٍ على وترِ لوحةٍ سوداءْ ،
لأرى الحزنَ يتشكّلُ ويكتبُ نفسهُ على سطحِ شاشةِ عرضْ عارية كلّ العريّ من الإحساسْ ، صلبةٌ كالصخرِ ، وأيضاً ملوّنـة !

هل أخبركَ اليوم عن ياسمينْ ،
وأنـا الذي لم أشارككَ في عصرهـا فرحـي !
وكنتُ وقحاً إذ أرخّتُ فرحي حينهـا على دفترٍ أهدتهُ لي شقيقتـي الصغرى !
ولم أخبركَ أيضاً بكمّ الوجعِ حينَ غادرتنـي ، كنتَ مملوءَ القلبِ بعامينِ من العمرْ ،
وهل أملكُ أدنـى الأدبِ بأن لا أسردَ عليك قصّة أختَ مجدْ ! وأنتَ البعيدُ عنهـا مسافةَ مائةُ قصيدة ونصّ !
لستُ أرمـي إليكَ بالحديثِ جزافاً وأنتَ الذي تحملتَ اليومَ منّـي دمعاً قلّ ما انسابَ على شيءْ ،
أعتذرُ إليكَ اليومْ ، قد كنتَ مدفوناً ،
نائياً عنّي حدّ التناسي فأيقظتُ فيكَ ذاكرةَ وجعكِ معي ،
وأيقظتَ فـيَّ لعنةُ التأريخِ والكتابة .


دفتري
الموشحُ برسمِ طفلينِ يلعبانِ في شتاءٍ دافئُ الطابعْ ،
مركونٌ كـ كلّ أشيائي بزاويةٍ في غرفةٍ فارغة ،
في حقيبةٍ يملؤهـا الوقتُ والناسْ ،
ليستْ تفارقُ مكانهـا فما أتعبهـا السفرُ ولكنْ : أتعبَهـا الوطنْ !!!
عافاكَ الله منّـي يا دفتـري .







محمد القواسمي
22/1/2010



\

 

التوقيع

موازرةُ و تأييدٌ لـخيانــاتِ أصحابِ السموّ والجلالة / قاداتنـا العِظامْ

إرفع كفيكَ فوقَ الجرحِ
ليس لتوقفَ نزفهَ بلْ لتظلّله
في الظلّ صديقي ينمو الوجعُ بريئاً من كلّ الذل
وتنظرَ نحوَ اللهِ كأنكَ ناجٍ من سوءٍ عقابهْ ،
أو كأنّ الله يحاورُ فيكَ الأنفةَ
فترمي بالعزةِ تحت النعلِ
وتسجدَ مستقبلَ أمريكا
في البيتِ الأبيضِ أبيضَ ما سوّده كفر الناسِ كحجرٍ في مكّة
للبيتِ الأبيضِ يذهب كلّ إلهٍ أصغر
ليقدمَ فاكهةً أو حلوى أو وطناً قربانَ إله الكونِ الأكير
أبيض أو أسودَ لونـه ،

محمد القواسمي غير متصل   رد مع اقتباس