ماذا سنكتب يا درويش ؟
اشعر بالحنين جدا لك يا محمود ..
موتك - كما هي سنة الله في خلقه - خسارة كبرى ..
وفقد لا يرتقه النشيج المر ولا البكاء العذب والتمرغ في طين الرثاء !
مات درويش فأنكرت الطواحين طعم الرياح ومن ذا الذي يُنكر من أجله هذا ؟!
مات بعد أن غص بالشعر ، بالوطن ، بالناس ، بالزيتون ، بطرقات حيفا ويافا وعكا ورام الله حد انفجار القلب واتساع الشرايين والرؤية !
يالقلبه ! كيف استطاع أن يحتمل كل هذا الشعر والناس معاً ؟!
أظنه كثيرًا ما يستيقظ دون أن يجد في صدره هذا القلب المصاب بداء التوجس من الحياة منذ خفقته الأولى في صدره فاستمرأ العيش !
محمود درويش ليس مجرد شاعر يتخطى بقدمي قلبه الموت مرارا ، فقد كان أقدر..
محمود درويش ليس مجرد عابر يركل الطرقات بغيابه ويمضي ، فقد كان أكبر ..
محمود درويش ليس مجرد ثائر يجمع الطلقات للثوار والخبز للامهات فقد كان أكثر..
كان غصنـًا في جفاف الأرض أخضر !!
ماذا سنكتب يا درويش ؟
فاكتب أنت بدلا منا :
(سيري ببطءٍ، يا حياةُ ، لكي أراك
بِكامل النُقصان حولي. كم نسيتُكِ في
خضمِّكِ باحثاً عنِّي وعنكِ. وكُلَّما أدركتُ
سرَاً منك قُلتِ بقسوةٍ: ما أّجهلَكْ!
قُلْ للغياب: نَقَصتني
وأنا حضرتُ ... لأُكملَكْ! )
كثيرون ماتوا وهم أحياء ،
وآخرون نعرفهم أحياء وهم ميتون
وأنت بلا أي مفتاح شك :
أحد هؤلاء الأحياء الذين ينظرون للموت باعتباره إحدى الطرقات التي تأخذك للوطن وتأخذنا اليك !!