كثيرا مايؤخذ الموروث الشعبي من الحكايات الشعبيّة أو من حكايا المجالس ,فلهذا قد يحدث شيءٌ من الخلط والتبديل ولعلّنا نجد في نسبة قصيدة "البارحة يوم الخلايق نياما" إلى نمر بن عدوان وهي ليست له خير مثالٍ على ذلك . طريقة تناول الناس للموروث وخاصة الشعراء هي التي تخلط الأمور وتعقّدها فيكفي مثلا أن نجد شاعرا في برنامجٍ تلفزيوني يتمثّل بأحداثٍ المهلهل ويقول: "الزير سالم" وهذا سمه بالمسلسل وليس اسمه الصحيح لأنّ اسمه عديّ لكن الكثير يقولون ويحدّثون بما حدّثهم به المسلسل والذي جاء على لسان مخرجه بأنّه أخذ الاحداث من الروايات الفلكلوريّة ! وقد قال قبل عرض المسلسل بأنّ هنالك الكثير من الزيادات لهذا أشار إلى مصادر معلوماته بكلّ صراحه . أطلق المسلسل بصورته الدراميّة وأخذوها الناس كصورة حقيقيّة وتاريخيّة ! . قصص مثل : سبب غزو التبّع , وملك هجرس (الجرو بن كليب) , سير المعارك , كلّ ذلك تعرّض للتحريف إلا أنّ كلّ ذلك دخل ذاكرة الناس كحقيقة تاريخيّة وان كانت باطلة .
على كلّ حال يُعرض في هذه الأوقات مسلسل "القعقاع بن عمرو التميمي" منذ الدعايات الأولى وأنا أستغرب سبب انتاج مسلسل كامل لهذا الصحابيّ الجليل وعدم اطلاق اسم عام يشير لفتوحات العراق أو حروب الردّة لكن ماإن عرفت الشركة المنتجة إلا وعرفت سبب ذكر اختيار العنوان ,المسلسل من انتاج تلفزيون قطر !. فكتب :ابن كثير, ابن خلدون ذكرت القعقاع بن عمرو بانفراد تقريبا في نصف صفحة فقط في حين ذكرت غيره بأكثر من ذلك لكنّهم لم يكونوا على علاقة ولو بعيدة بتلفزيون قطر! , فمثلا هنالك خالد بن عرفطة وقد كان الرجل الثاني بعد سعد بن أبي وقّاص _رضي الله عنهما _ في معركة القادسيّة الكبرى . لاأنكر انتاج مسلسل يشير إلى صحابيّ مجاهد وجليل لكن هذه الانتقائيّة هي التي تثير التساؤلات وطبعا بالإمكان تجاوز ماذكرته الكتب وتعديلها من خلال المسلسل وجعلها الحقيقة المُثلى في أذهان المشاهدين (الناس) . وياللعجب ! طريقة تصويرهم لطليحة بن خويلد لاأجدها لائقة أبدا بمجاهد وبطل من أبطال القادسيّة وان كان قد ادّعى النبوّة لكن أبوبكر الصدّيق _رضي الله عنه_ سامحه وأرسله للقتال في العراق.
لنرى بالسنة التالية أيّ مسلسلٍ سينتج ؟.
ميزة التاريخ القديم للعرب بأنّه ليس موروثا متواترا بل مدوّنا ومثبّتا بعكس التاريخ الحديث الذي جاء متواترا ومحكيّا .