هكذا يتلوى الشجر من التوجس ،،
حينما يستشعر بأن الشك الأزرق الذي تطفح به المواسم يوشك أن يورق ،،
إنه لا يجد الجرأة أن يراه ،،
لا يستطيع النظر إلى القوة الصلدة ،،
السماء لا تمطر إلا دهشة تؤنس الهموم ،، دهشة أسطورية ،، دهشة تتميز بخواص الخوارق وسجايا المعجزات ونشوة الأساطير ،، رحلة كاملة من الصور الغريبة للتفسير المعرفي ،، ولما تنقصف مخالب الوحش الناشبة في صدر السحاب يحل في ثقوبها انقباض كالقطران ،، وفي النهاية سنقول بأن كل الأنهار تنتهي في البحر ،، ولكنه لم يمتلئ بعد ،، ولن يمتلئ إلا قبل الرجوع عن تقرير مدى الرعد الحقيقي الزاحف لالتهام صفحة كاملة من تاريخ دام ،، يهوي صاعقا كرد فعل عنيف ،، كالموت يفجر الإحساس بالمفاجأة رغم التسليم بمجيئه الحتمي ،، لا يجد جديد إلا الجهر بالوساوس المعذبة الخفية ،، اندفنت الغزوات تحت ركام من الحنق والعبرة والشعور الأليم بالغربة ،، فتغرق في حوار طويل مع النفس المحمومة ،، لتسكت جوع ضاري يغرز في الجوانح سهام مبللة بالشهد ،، كالحب ،، كالموت ،، تسمع عنه في كل حين خبرا ولكنك لا تعرفه إلا إذا حضر ،، طاغ يلتهم فريسته ،، يسلب الدفاع والإرادة ،، يطمس العقل والإدراك ،، يصب الجنون في الجوف حتى يطفح به ،، إنه العذاب والسرور واللا نهاية ،، يتلاشى الشخص القديم ويحل محله آخر بتراث ومبادئ أخرى ،،
- إذا كنت تعتقد أن الضمير هو مجرد غريزة فلماذا تلاحقه ؟! ،،
- لم يتبعنا غيره ،،
- فهل تظن بأن لا شئ في الغد فتتحسر على الأمس ؟! ،،
- لم أفكر في ذلك بعد ،،
كالشئ الذي يدور في الخفاء مثل الخيال المخادع ،،
طيفا ثقيلا جاثما في النخاع يتحسس الصباح كلما فرك عينيه ،،
تعلم بأن الحبر لا ينصاع لمن يفضل المظلة على المغامرة والمخاطرة ،،
فتستعذب الإقامة في قلب المحاولة ،، وقلب الحياة ،،
ولكني لم أعد أعرف كيف يبدأ أي شئ قبل الآن ،، ولا كيف ينتهي ،،
فالأرض تدور لتجعلنا أقرب ،، التفّت على نفسها وعلينا حتى أتت بنا أخيرا معا لهذا الحلم ،،
كم مرة نحيا ؟! ،، كم مرة نموت ؟! ،، يقولون بأن الميت عشرون جراما لحظة مغادرته ،، فكم فقدنا ؟! ،، كم كسبنا ؟!،، مجرد عدة جرامات ،، في وزن عدة قطع من القروش ،، أو قطعة صغيرة من الشيكولاته ،، كم تزن العشرون جراما ؟! ،،
فهل يجب على المرء أن ينظر إلى الصواب والخطأ مثل الأسئلة الجنسية ؟! ،، هذه هي المشكلة ،، ماركوزي يقول بأن فلسفة هيجل في الصواب ليست متعلقة بالخطأ ،، وهل الحرية شئ سئ وليس بما قال ماركس ،، فلا بد أن تكون مهيأ حتى تفرق بين الصواب والخطأ ،، لأنه في الحقيقة تلك الأوضاع عبارة عن معركة مبتذلة كالأمر بين العرب وإسرائيل ،،
" الشياطين تحتفل لأن الرعاع قدموا قرابينهم " ،،
احتضن الغموض وستنعم بالسلام ،، فالمجاز لا أصل له لأنه مناف للحقيقة ،، كحزن الخريف الذي يعري الأشجار من فساتينها والسماء من زرقتها إلا ورقة من توت ،، تبقى معجزة للذاكرة ،، تنزف ما في عينيه من بروق ،، كل ما في دمه من مواعيد ،، كل ما في مخيلته من أجراس ،، تهرم الألوان ،، تهبط على الأرض هذيانا وتتنهد عميقا بأضلاع تتهدم كدعائم بيت قديم ،، وتعض سبابتك على أيام غفت ،، تتحسسها كطفل أمام وجهك ولا ترى سواها ،، أنين قديم يسبح في حروفه يبحث عن كمال الأشياء ويخترق ممر الذكرى المشمس ،، تحاول أن تمسك بتفاصيلها وهي تركض في ردهات العمر ،، أشياء مبعثرة ،، ذهبت مع أشياء وتبعثرت ،، أصبحت أشد بعثرة من أشياء هذا العالم المبعثر ،،
تفتح كوة في الليل الشاسع المطبق على عقول الكبار ودفاتر الصغار ،،
تمر الشواهد كأنها لم تولد ،،
لا يستفزها ظلم ولا يجرحها ظلام ،،
لا يغويها برق ولا يستوقفها منعطف ،،
يتخذ الأفق شكل يد تلوح ،،
ويغادر الفجر هادئا كما تهرب نجمة من تعب السهر لتنام بين سطرين ،،
لتقول من ثقب الباب : أين الطريق ؟! ،،
ولا يجيبك حتى صداك من العدم ،،
لنكشف عن هذه الظلال وليرتفع الغطاء ،، وليخرج اللون الرمادي من عين الشك وليبقى من الألوان ما كان نقيضا بين الأسود الحالك والأبيض الناصع ،، ولتختر الأقدار بعد ذلك ما تراه مناسبا ،، اليوم ،، وبعد رضاعة عمر كامل ،، فلا تقف عظمة الحواس على الحياد في أوسطها بلا رفض وفي آخرها بالقبول ،، ولأن الأحداق تتناوب المزامير في مدن البهجة لا ينقطع الصوت ولا تتوقف حبال الحناجر لهواة الصمت المزعج ،،
** دعوة عامة لحضور عقد قراني في سادس أيام العيد بمدينة مكة **