اهلا بعودتك من ادغال مدغشقر يا شام
المعرفة سلاح ذو حدين ففي الوقت الذي نستمتع فيه بلذة الاكتشاف تزداد حيرتنا امام غرائبية العالم وتفرده وكمية ما اصبحنا نعلم حقا اننا نجهله
فبعد ان كنا مقتنعين بان المادة ذرات وجزيئات فيها بروتونات والكترونات ونيوترونات وكان الحال ماشي هكذا حتى صدمت البشرية بان ذلك يشبه
تفسيرات المصادر الاربعه الماء والهواء والتراب والنار , فقد اصبح يقينيا ان الالكترون والبروتون والنيوترون يتكون كل منها من الكوارك كما
الميزون والنيوترينو اصبحت مكونات جديده للذرة وتتواجد في اللامكان , كما ذابت الحتمية وحل مكانها اللادقه والمصادفة والاحتمالية وكل ذلك كان
بفضل اناس تسائلوا وشقوا لايام وسنين ثم سعدوا بعلمهم لينتجوا لنا النسبية والكمية والاحتمالية واللادقة حتى اصبحنا نسمع هذه الايام ان حجم
الكون يزداد مع كل اكتشاف وانه يقترب من اللانهاية وهي اشياء تصب في خدمة توسعنا العقلي والادراكي .
شقاء صاحب العلم هو شقاء مصطنع ربما يشعر به نتيجة عجزه او كسله او بيئته التي لاتحترم العلم او ربما بسبب قناعته انه وصل الى المعرفة
الكلية , ولو كان مستمرا في الجد والاجتهاد للتوغل اكثر في ادغال غابة العلم اللامتناهية لشعر بسعادة غامرة لا تضاهيها سعادة طفل بحصوله على
قطعة حلوى او نزهة , ان السعادة هنا ليست بحصولنا على العلم بقدرما هي في تضييق مساحات الخرافة المتواجده في اذهاننا والتي تحولت لدينا
الى فراغ مخيف بسبب انزياح اثار الخرافة دون ملئها بالعلم الحقيقي وكلما ازدادت كمية الفراغ في اذهانا وهي الاسئلة الازلية التي لانجد لها تفسيرا
مثل كيف ومن ولماذا ومتى , كلما ازدادت الحاجة لملئها باجابات وقتية تمثل معرفة اللحظة بانتظار معرفة ادق تؤطر لمعرفة اللحظة اللاحقة وهكذا
فان الباحث عن الحقيقة عليه ان يحمل مصباحا في الليل ليرى العالم ومصباحين في النهارليراه الاخرون فلا يصدمونه وهو في كل هذا وذاك سعيد
ببحثه لكنه شقي ببيئته ومجتمعه التي لاترضى عن تساؤلاته بسبب اقترابه من هذا التفصيل او ذاك ونعلم ان المستكينين للعلم الكلي لايهمهم البحث
بل يكادون يعارضونه لانه يجب ان يمر من خلالهم وهم سعداء بشقاوتهم هذه التي لا ينغصها عليهم سوى حملة المصابيح في النهار .
سعيد بعودتك يا شام وشقي بمواضيعك التي تظرمينها وتنطقين فيها بنصف الكلمة وكل المعرفة